للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: جوابُ هذا، وما يتلاحقُ بهِ مذكورٌ في الوافي (١) عند (٢) ذِكْرِ وُجوهِ] الاستدلالات قبيل (٣) فصلَ الأمرَ لأنهما لم يدركَاْ {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٤) وهذا لأنَّ وُجوبِ القضاء يَستْدعِي وُجوَب الأَداءِ فإنَّ بنفسِ الوجوبِ لا يتوجُه القضاءُ عنَد فوتهِ، ألا ترى أنّ مَنْ ماتَ بعدَ ما مضى مِنْ أولِ وقتِ الصَّلَاةِ قَدْرَ ما يتمكنُ مِنَ الأَداءِ لِقَىَ اللهَ تعالى وليسَ عليهِ إثمٌ] بسبب (٥) تلكِ الصَّلَاةِ، وكذلكَ هاهنا لم يخُاطَبْ بالأَداءِ مادامَ المرضُ والسفرُ قائمين، فلما لم يخُاطَبْ بالأداءِ لا يخاطبُ بالقضاءِ بمجردِ فوتِ نفسِ الوجوبِ وفي «المَبْسُوط» (٦): ولِأَنَّ المرضَ لما كانَ عُذرًا في إسقاطِ أداءِ الصَّوْم في وقتهِ لدفعِ الحرجِ فلأنْ يكونَ عُذرًا في إسقاِط القضاءِ أَولى.

قولُه: (وذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ -رحمه الله- فيه خلافًا) (٧) إلى قولِه: (وليسَ بصحيحٍ إنما الخلافُ في النُذُر).

وهو أَنَّ المريضَ إذا قالَ: للهِ عليَّ أنْ أَصومَ شهرًا، فماتَ قَبْلَ أنْ يصحَّ لم يلزمْهُ (٨)، وإنْ صحَّ يومًا واحداً لَزِمَهُ أنْ يوُصِيَ بجميعِ الشهرِ في قولِ أبي حنيفةَ، وأبي يوسفَ، وقالَ محمدٌ: يلزمُهُ بِقُدَرِ ما صحَّ (٩)؛ لأنَّ إيجابَ العبدِ مُعتبرٌ بإيجابِ اللهِ تعالى فصارَ كقضاءِ رمضانَ وأبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ رحمهما الله (١٠) يقولان: بأنَّ وجُوبَ الأداء مِضافٌ إلى وقتِ الصِّحةِ، فصارَ كالصحيحِ إذا نَذَرَ صومَ شَهْرِ، ثُمَّ ماتَ قبلَ تمامِ الشهرِ يلزمُهُ أنْ يُوصِيَ بهِ؛ لأنّ الكُلَّ وجبَ في ذِمتهِ، فوجبَ عليهِ تفريغُ ذمتهِ بالحَلَفِ، وهي الفديةُ إذا عجزَ عن التفريعِ بالأصل، فأمّا في صومِ رمضانَ فنفسُ الوجوبِ مُؤَجَّلٌ، أيْ: نفسُ الوجوبِ الذي يتعقبُهُ الأداءُ مُؤَجَّلٌ إلى حينِ القدرةِ، فَبِقَدَرِ ما يَقْدِرُ يظهرُ الوجوبُ (١١) كذا في «الإيضاح» (١٢).


(١) سبق التعريف بكتاب الوافي ص (٦٤).
(٢) في (أ) (عند) وفي (ب) (عنه) ولعل ما أثبته هو الصواب لموافقته سياق الكلام.
(٣) زيادة في (ب) (الاستدلالات الفاسدة).
(٤) سورة البقرة الآية (١٨٤).
(٥) سقطت في (ب).
(٦) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١٦٦).
(٧) يُنْظَر: تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٣٣٤).
(٨) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٨٧)، بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ١٠٥).
(٩) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ١٠٥)، تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٣٣٤).
(١٠) يُنْظَر: المَبْسُوط (١٩/ ٢٩٤)، تُحْفَةِ الْفُقَهَاء (١/ ٣٦٠).
(١١) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٥٣).
(١٢) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٢٦)، فَتَاوَى قَاضَي خَانْ (ص ٢٥٩).