للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: نفقة نفسه، ونفقة غيره، فإن قلتَ: يشكل على هذا شد الإزار والرداء بحبل أو غيره، فإن ذلك مكروه إجماعًا مع أن ذلك أيضًا ليس في معنى لبس المخيط.

قلتُ: تثبت الكراهة (١) هناك بحديث خاص ورد فيه، وهو ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «أنه رأى رجلًا قد شد فوق/ إزاره حبلًا فقال: ألق ذلك الحبل، ويْلَك!!» (٢)، وكذلك [لا] (٣) يكره أن يحل [له] (٤) رداؤه بحلال؛ لأنه لا يحتاج إلى تكلف في حفظه على نفسه، ولكنه مع هذا لو فعل لا شيء عليه؛ لأن المحظور عليه الاستمتاع بلبس المخيط، ولم يوجد ذلك، فإن قلتَ: يُشكل على هذا عصب العصابة على رأسه، فإن ذلك مكروه، فلو فعل يوماً إلى الليل فعليه صدقة مع أنه لم يوجد الاستمتاع بلبس المخيط هنا (٥) أيضًا.

قلتُ: وجوب الصدقة هناك لا باعتبار الاستمتاع بالمخيط، بل باعتبار (تغطية بعض الرأس بالعصابة، وهو ممنوع من تغطية الرأس إلا أن ما يُغطى به جزء يسير من رأس، فتكفيه الصدقة لعدم تمام جنايته (٦) كذا في «المبسوط» (٧).

لأنه نوع طيب، ولأنه يقتل هوامّ الرأس فلوجود هذين المعنيين تكاملت الجناية، فوجب الدم عند أبي حنيفة -رحمه الله- إذا غسل رأسه بالخطميّ (٨)، فإن له رائحة وإن لم يكن ذكية.


(١) المكروه عند الحنفية نوعان: المكروه تحريماً وهو: ما طلب الشارع من المكلف الكف عنه حتماَ بدليل ظني لاقطعي، وهذا النوع يقابل الواجب عندهم، والثاني: المكروه تنزيهاً وهو: ما طلب الشارع الكف عنه طلباَ غير ملزم.
انظر: التوضيح على التنقيح (٢/ ٢٦٣)، الوجيز في أصول الفقه
ص (٥٤).
(٢) لم أقف عليه بهذا النص. وقد ذكره ابن حزم في المحلى (٧/ ٢٥٩)، وقال: مرسل لاحجة فيه.
وقال الألباني بعد أن أخرجه في سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم (١٠٢٦)، قلت ومع ضعف هذا الحديث فقد روي مايخالفه وهو بلفظ «رخص عليه الصلاة والسلام في الهيمان للمحرم».
(٣) في: (ج) لا
(٤) أثبته من (ج).
(٥) في: (ب، ج): هناك.
(٦) جنايته: أي الذنب الذي فعله.
انظر: مختار الصحاح، مادة جني، (ص ٨٧).
(٧) انظر: المبسوط (٤/ ١٢٧).
(٨) الخطمي: بكسر الخاء وفتحه، والكسر أكثر، وهو نبت من الفصيلة الخُبّازية كبير الزهر جدًا، مليّن شديد اللزوجة، كثير النفع، يُدق ورقه يابسًا ويجعل غِسلا للرأس فينقيه.
انظر: المصباح المنير (ص/ ١٧٤)، المعجم الوسيط (١/ ٢٤٥)، الهادي إلى لغة العرب (١/ ٦٤٥).