للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وعلى هذا الخلاف إذا صلى بعرفات).

أي: إذا صلى المغرب بعرفات.

(فيصير مسيئًا بتركه).

أي: بترك التأخير المسنون.

(الصلاة أمامَك) (١).

معناه وقت الصلاة؛ لأن الصلاة فعل المصلي، وفعله لا يتصور أن يكون أمامه، ولكن الصلاة تذكر، ويراد بها الوقت على ما قال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ لِلصَّلَاةِ أولًا

وَآخِرًا» (٢)، وإذا أداه في الطريق فقد أداه قبل الوقت الثابت بهذا الخبر، فوجب الإعادة؛ كما إذا صلى الظهر في منزله يوم الجمعة، فإنه يؤمر بالنقض حتى يأتي به على الوجه الأكمل، فإن تعذر ذلك يقع مجزيًا عنه كذا في «المختلفات» (٣)، والذي يدور عليه أصل تعليلهما (٤).


(١) كما في حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث أفاض من عرفة مال إلى الشّعب فقضى حاجتَه فتوضأ، فقلتُ: يا رسول الله أتصلّي؟ فقال: «الصلاة أمامَك».
أخرجه البخاري في الحج، باب (٩٣) النزول بين عرفة وجمع (١٦٦٧).
قلت: ومعنى الحديث أن المغرب لا تصلّى هنا، وكأن أسامة -رضي الله عنه- ظن أنه -صلى الله عليه وسلم- نسي صلاة المغرب ورأى وقتها قد كاد أن يخرج أو خرج، فأعلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها في تلك الليلة يُشرع تأخيرُها لتُجمَع مع العِشاء بالمزدلفة، ولم يكن أسامة يعرف تلك السنّة قبل ذلك.
وقوله: «الصلاة أمامَك» أي: الصلاة ستصلّى بين يديك، أو أطلق الصلاة على مكانها، أي: المصلى بين يديك وهي المزدلفة، أو معنى (أمامك): أنها لا تفوتك وستدركها في وقتها الجائز وهو وقت العشاء، فالمراد بالحديث إما الوقت وإما المكان، وليس المراد به فعل الصلاة، والله أعلم.
انظر: فتح الباري (٣/ ٥٢١)، البحر العميق (٣/ ١٦١١)، المبسوط (٤/ ٦٢)، فتح القدير مع الكفاية (٢/ ٣٧٨)، شرح مسلم للنووي (٩/ ٢٦)، رد المحتار (٧/ ١٠٥).
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" (١٢/ ٩٤) برقم: [٧١٨٢]، وأخرجه الترمذي في "سننه" باب: [مَا جَاءَ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (١/ ٢٨٣) برقم: [١٥١]، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" باب: [آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَالْآخَرُ نِصْفُهُ فَمَنْ قَالَ: بِالْأَوَّلِ احْتَجَّ بِها] (١/ ٥٥٢) برقم: [١٧٦٠]، وصححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير" (١/ ٤٣٥) برقم: [٢١٧٧].
(٣) المختلفات، في فروع الحنفية، للإمام الفقيه المحدث الزاهد أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي، من كبار أئمة الحنفية، له: النوازل، والعيون، وخزانة الفقه، وتنبيه الغافلين، وقد اشتُهر بإمام الهدى (ت ٣٧٣ هـ).
(٤) وأصل هذه المسألة: أن من صلّى الظهر في منزله يوم الجمعة قبل الجمعة يُتوقف، فإن سعى إلى الجمعة وشهدها قبل فراغ الإمام انقلبت الظهر نفلاًُ، وإلا بقيت فرضًا.
انظر: العناية وفتح القدير (١/ ٤٣٣)، البناية (٣/ ١٥٣)، تبيين الحقائق (١/ ١٩١)، البحر الرائق (٢/ ٩٦).