للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(الخذف).

رمي الحصاة بالأصابع، وفي «المغرب» (١): هو أن يضع طرف الإبهام على طرف السبابة، وفعله من باب ضَرَبَ، وقد أطلق هنا على الرمي يرمي به.

(لم يعرِّج على شيء).

أي: لم يقف عنده يقال: مررت به.

(فما عرجت عليه)، أي: ما وقفت عنده.

(حتى رمى جمرة العقبة).

ثُمَّ قال: (إن أول نسكنا بمنى أن نرمي، ثُمَّ نذبح، ثُمَّ نحلق، ولا نقف عند منى (٢) أي: عند جمرة العقبة.

لأن ما عندها من الحصى مردود، وهكذا جاء في الأثر فيُتشاءم به ولا يُتبرك، وبيانه في حديث سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال قلتُ: لابن عباس - رضي الله عنه - " ما بال الجمار تُرْمَى من وقت الخليل - عليه السلام -، ولم تصر هضابًا تسد الأفق فقال: أما علمت أن من يقبل حجه تُرْفَع حصاه،

ومن لم يُقْبَل حجه تُرك حصاه" (٣) حتى قال مجاهد (٤) -رحمه الله-: "لما سمعت هذا من ابن عباس جعلت على حصياتي علامة، ثُمَّ توسطت الجمرة فرميت من كل جانب، ثُمَّ طلبت، فلم أجد بتلك العلامة شيئاً من الحصاة".

ومع هذا لو فعل أجزأه لوجود [فعل] (٥) الرمي، ومالك (٦) يقول: "لا يجزئه"، وهو عجيب من مذهبه، فإنه يجوز التوضؤ بالماء المستعمل، ولا يجوز الرمي بما قد رُمي من الأحجار، ومعلوم أن فعل الرمي لا يغير صفة الحجر. هذا كله من «المبسوط» (٧).

(ويجوز الرمي بكل ما كان من أجزاء الأرض عندنا).

فإن قلتَ: يُشكل على هذا الرمي بالفيروز (٨)، والياقوت (٩) فإنهما من أجزاء الأرض حتى جاز التيمم بهما، ومع ذلك لا يجوز الرمي بهما حتى لم يقع معتداً بهما في الرمي.


(١) انظر: المغرب في ترتيب المعرب (١/ ١٤١).
(٢) في (ب، ج): عندها.
(٣) روي مرفوعاً من حديث أبي سعيد وابن عمر رضي الله عنهما وإسنادهما ضعيف كما ذكر الحافظ ابن حجر في الدراية (٢/ ٢٦).
(٤) الإمام أبو الحجاج مجاهد بن جَبْر المكي المخزومي، من كبار التابعين، شيخ القراء والمفسرين، اتفقوا على جلالته وإمامته، أخذ التفسير عن ابن عباس، وتنقّل في الأسفار، واستقرّ في الكوفة، وكان لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب فنظر إليها، مات وهو ساجد عام (١٠٤ هـ).
انظر: حلية ألأولياء (٣/ ٢٧٩)، صفة الصفوة (٢/ ٢٠٨)، الأعلام (٥/ ٢٧٨).
(٥) أثبته من (ب، ج).
(٦) انظر: "مواهب الجليل" (٣/ ١٣٩).
(٧) انظر: المبسوط (٤/ ٦٧).
(٨) الفيروز: حجركريم غير شفاف معروف بلونه الأزرق كلون السماء أو أميل إلى الخضرة ويقال له: لون فيروزي. انظر: المعجم الوسيط (٢/ ٧١٤)
(٩) الياقوت: حجر من الأحجار الكريمة، وهو أكثر المعادن صلابة بعد الماس، ولونه شفاف مشرب بالحمرة، أو الزرقة، فارسي معرب واحدته ياقوتة، وجمعه: اليواقيت.
انظر: الصحاح (١/ ٢٧١)، لسان العرب (٢/ ١٠٩)، المعجم الوسيط (٢/ ١٠٧٩)