للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ومن أغمي (١) عليه فأهلّ عنه رفقاؤه (٢) جاز).

وأصل هذا: أن الإحرام عندنا شرط بمنزلة الوضوء وستر العورة، وليس بنسك، فاستقام القول فيه بالنيابة بعد وجود العبادة منه، وهو خروجه لحج البيت، وفي هذا الاختلافات عند علمائنا بأن الإحرام يتأدى بالنائب كما لو أمر غيره (٣) بالتقليد، فقلد المأمور صار الأمر محرمًا به، ولكنهم اختلفوا في أن الموافقة (٤) هل تكون./ إذنًا، وأمرًا؟

قال أبو حنيفة -رحمه الله-: "يكون"، وقالا: "لا يكون"، كذا ذكر فخر الإسلام، وغيره.

فإن قلتَ: كيف صورة المسألة: فالرفقاء يجزون عليه أفعال الإحرام من إلباس الرداء، والإزار، وتجنيبه من محظورات الإحرام (٥) أنهم يتولونها بأنفسهم، ويجرونها على أنفسهم، فلو أجروها على أنفسهم، ولبوا عنه، وهم أيضًا مخرجون لأنفسهم؛ لأنهم خرجوا لحج بيت الله، فكيف يتحقق تداخل الإحرامين؟ وكيف يصح إلحاق هذا بالوضوء فإن إنسانًا إذا توضأ لا يكون غيره به متوضئًا، وإن نوى ذلك الإنسان عنه، ولو أخروا (٦) عليه أفعال الإحرام، وصار المغمى عليه [به] (٧) محرمًا، لم يصيروا نائبين عنه، ولأنهما يفرقان بين هذا وبين ما إذا طيف به المناسك كلها، فإنه يجزئه بالاتفاق؛ لأنه هو الفاعل لها فعلم بهذا أن إجراء أفعال الإحرام عليه غير مراد.


(١) الإغماء لغة: فقد الحس والحركة، و اصطلاحاً: آفة يصير بها العقل في كلال وتتعطل بها القوى المدركة.
انظر: جامع الأسرار (٥/ ١٢٧٨)، التلويح (٢/ ٣٥٥)، عوارض الأهلية ص (٢٤٢)
(٢) رفق: الرِّفْقُ، بالكسرِ: مَا اسْتعِينَ بِهِ وَقَالَ العَضُدُ: الرِّفْقُ: حُسنُ الانْقِيادِ لما يؤَدِّي إِلَى الجَميلِ.
وقالَ اللّيْث: الرِّفْقُ: ليِنُ الجانِب، ولَطافَةُ الفِعْل، وصاحِبُه رَفِيقٌ، وَقد رَفقَ يَرْفُق رِفقاً بِالْكَسْرِ ومَرْفِقاً كمَجْلسٍ.
انظر: تاج العروس، مادة رفق، (٢٥/ ٢٣٠)، والمقصود بالرفقاء هم الأصحاب او الأصدقاء في الحج.
(٣) أثبته من (ب) وفي (أ) عنده. ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.
(٤) في (ب): المرافقة.
(٥) محظورات الإحرام: هي الأمور التي يجب على الحاج تجنبها في حالة إحرامه وهي: الجماع ودواعيه مثل القبلة، واللمس بشهوة والتعرض للنساء بفحش القول، الخروج عن طاعة الله تعالى وهو قبيح في غير الإحرام، المخاصمة مع الرفقة والخدم وغيرهم، الجدال المثير للغضب ممنوع شرعا، لبس المخيط بجميع أنواعه.
انظر: فقه العبادات الحج، (٦٢).
(٦) في: (ب) أجروا.
(٧) أثبته من (ب).