للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد اقترنت النية بعمل هو من خصائص الإحرام، أما سوق الهدي فظاهر، وأما إذا (١) أدرك، ولم يسق، وساق غيره فكذلك؛ لأن فعل الوكيل بحضرة الموكل كفعل الموكل.

قوله -رحمه الله-: (قال: إلا في بدنة المتعة). (٢)

هذا الاستثناء من قوله: (لم يصر محرمًا حتى يلحقها) (٣).

ثُمَّ اعلم أن هاهنا قيدًا لابد من ذكره، وهو أنه في بدنة المتعة إنما يصير محرمًا بالتقليد، والتوجه إذا حصلا في أشهر الحجّ، فإن حصلا في غير أشهر الحجّ لا يصير محرمًا ما لم يدرك الهدي، ويسير معه. هكذا ذكر في «الرّقَيَّاتِ (٤)»؛ لأن تقليد هدي المتعة في غير أشهر الحجّ لا يعتد به؛ لأنه فعل من أفعال المتعة.

وأفعال المتعة قبل أشهر الحجّ لا يعتد بها فيكون تطوعًا، وفي هدي التطوع ما لم يدرك، ويسير معه لا يصير محرمًا. كذا في «الجامع الصغير» للإمام قاضي خان -رحمه الله-.

وجه القياس ما ذكرنا، وهو قوله: (لأن عند التوجه إذا لم يكن بين يديه هدي يسوقه لم يوجد منه إلا مجرد النية) إلى آخره.

ووجه الاستحسان (٥): هو أن يهدي المتعة نوع اختصاص لبقاء الإحرام بسببه، فإن المتمتع إذا ساق الهدي، فليس له أن يتحلل بين النسكين بخلاف ما إذا لم يسق الهدي، فكما كان له (نوع اختصاص ببقاء الإحرام، فكذلك في ابتداء الشروع [في الإحرام] (٦) لهدي المتعة نوع اختصاص، وذلك في أن يصير محرمًا بنفس التوجه، وإن لم يدرك الهدي بخلاف هدي التطوع). كذا في «المبسوط» (٧)، وذكر أبو اليسر (٨):


(١) ساقطة من (ب).
(٢) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٧)
(٣) المصدر السابق
(٤) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٥١٦)، تبيين الحقائق (٢/ ٣٩).
(٥) الاستحسان: هو اسم لأحد القياسين، أو هو اسم للدليل الأقوى في مقابلة القياس، وقيل: هو تَرْك القياس والأخذ بما هو أرفق للناس.
انظر: التعريفات الفقهية (ص/ ١٧١)، المعجم الجامع للتعريفات الأصولية (ص/ ١٥).
(٦) أثبته من (ب).
(٧) انظر: المبسوط (٤/ ١٤٠).
(٨) أبو اليسر: هو صدر الإسلام أبو اليسر هو القاضي أبو اليسر محمد بن محمد بن الحسين البزدوي الحنفي المعروف بصدر الإسلام، وهو أخو الإمام فخر الإسلام البزدوي أبي العسر، وكان أبو اليسر من الفقهاء الكبار بماوراء النهر، ومن فحول المناظرين، تولى القضاء بسمرقند، وكان يدّرس ببخارى، وكني بأبي اليُسر ليُسْر تصانيفه (ت ٤٩٣ هـ).
انظر: الجواهر المضية (٤/ ٩٨)، تاج التراجم (ص/ ٢٧٥)، الفوائد البهية (٢١٠).