للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيقول: لبيك بعمرة، ثُمَّ يأتي بأفعال العمرة، وأفعالها أربعة، فاثنان منها ركنها، وهما الطواف، والسعي، والاثنان شرطها، وهما الإحرام، والحلق، فإن الإحرام شرط أدائها، والحلق والتقصير شرط الخروج، وما ذكرنا من الشرائط في وجوب الحجّ، فشرط في العمرة، وما هو المحظور في إحرام الحجّ محظور في إحرام العمرة، وأما وقت العمرة، فالسنة كلها وقت لها، ولا يكره سواء/ كان في أشهر الحجّ أو في غيرها إلا في خمسة أيام، يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق (١) لكون الحاج مشغولًا بأداء الحجّ إلا إذا قصد القران أو التمتع، فلا بأس به، بل يكون أفضل في حق الآفاقي كذا في «التحفة» (٢).

وأما تفسير القارن فهو من يجمع بين العمرة والحجّ في الإحرام، فيقول: لبيك بحجة، وعمرة، ويأتي بأفعال العمرة أولًا، ثُمَّ بأفعال الحجّ من غير أن يحل بينهما، وكذلك لو أحرم بعمرة، فلم يطف أو طاف لها أقل من أربعة أشواط، ثُمَّ أحرم بالحجّ كان قارناً؛ لأن الأكثر قائم، وللأكثر حكم الكل، ولو أحرم بالحجّ، ولم يطف حتى أهلَّ بعمرة كان قارناً أيضًا؛ لأنه جمع بين إحرامين قبل أداء أحدهما، وقد أساء في ذلك؛ لأن السنة أن يجمع بينهما في الإحرام ويبني إحرام الحجّة على إحرام العمرة.

ولو أحرم بالحجّ فطاف بها شوطًا، ثُمَّ أحرم بالعمرة، فإنه يرفض العمرة، وعليه قضاؤها، وعليه الدم لأجل الرفض؛ لأنه عجز عن الأداء على السنة، وهي ترتيب أفعال الحجّ على أفعال العمرة فترفض العمرة؛ لأنها أيسر بخلاف ما إذا أهلّ بالعمرة قبل أن يطوف للحج حيث يلزمه الجمع بينهما؛ لأنه لم يعجز عن الأداء على وجه السنة.

والمتمتع: من يأتي بالعمرة في أشهر الحجّ، أو بأكثر طوافها في أشهر الحجّ، ثُمَّ يحرم بالحجّ، ويحج من عامه، ذلك على وصف الصحة قبل أن يلم بأهله إلمامًا صحيحًا، وسواء أحل من عمرته بالحلق أو بالتقصير، ثُمَّ أحرم للحج قبل أن يحلّ من عمرته، فيكون إحرام عمرته كوفيًّا، وإحرام حجته مكيًّا، كذا في «شرح الطحاوي» (٣)، و «الجامع الصغير» (٤) لقاضي خان.


(١) أيّام التّشريق: هي ثلاثة أيّام بعد (عيد الأضحى)؛ أي الحادي عشر، والثّاني عشر، والثّالث عشر من ذي الحجّة، وهذه الأيّام هي: (يوم القَر) وسمّي بذلك لأنّ الحجّاج يقرّون ويبيتون فيه بمنى. قال الرّسول -صلى الله عليه وسلم-: (أعظم الأيّام عند الله يوم النّحر ثُمَّ يوم القر). أخرجه الإمام أحمد. (يوم النّفر الأوّل) ويجوز النّفر فيه لمن تعجّل بعد رمي جمرات العقبة الأولى والثّانية. (يوم النّفر الثاني) وهو يأتي بعد رمي الجمرات في اليوم الثّالث من أيّام التّشريق.
انظر: الموسوعة الفقهية، (١/ ٣٣٨ - ٣٣٩).
(٢) انظر: تحفة الفقهاء (١/ ٣٩٢).
(٣) انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٢٨٩).
(٤) انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٢٨٩).