للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- قوله: (هادين … وداعين) صفتان لأنبياء وعلماء لا حالان (١) لما أن إيقاع الحال عن النكرة لا يحسن إلا عند تقديمها على ذي الحال، ولأن الحال يقتضي التزلزل والصفة تقتضي التقرر، اللهم [إلا أن يكون الحال] (٢) مؤكدةً، ولكن ليس هذا موضع المؤكدة (٣)، فكانت مبالغة المدح في إيقاعها صفة لاقتضائها [اللزوم لم يؤثر من أثر الحديث رواة] (٤).

(وَخَصَّ أَوَائِلَ الْمُسْتَنْبِطِينَ بِالتَّوْفِيق حَتَّى وَضَعُوا مَسَائِلَ مِنْ كُلِّ جَلِيٍّ وَدَقِيقٍ)

- قوله: (وخص أوائل المستنبطين) أراد بذلك -والله أعلم- أبا حنيفة وأصحابه -رضي الله عنهم- (٥)؛ إذ هم الذين شقوا غبار استنباط المسائل ووضعها، وهم الذين تولوا تمهيد قواعد المسائل الشرعية وتبيينها، وهم الملتذون (٦) بأي عذر استنباط المسائل الفقهية والمُترِصُون (٧) لأرهاص (٨) القواعد الدينية، وكل من صنف كتبًا بعدهم أو وضع مسألةً فهو مغترف من بحار علومهم، ومتجرعٌ من [عُمّان] (٩) أصولهم، وبانٍ على ما أصَّلوه وتالٍ على ما أسسوا، فلهم الدرجة العليا والرتبة القصوى. رزقنا الله شفاعتهم (١٠) آمين رب العالمين.


(١) في هامش (ب): قوله: «لا حالان … إلخ» أقول: إن السيد الشريف جوز كونهما حالين باعتبار أن تنوين (رسلًا وأنبياء) للتعظيم فكان الحال من نكرة موصوفة، فليراجع «حاشية الهداية» للسيد قدس الله سره أبو عبدالله.
(٢) في (ب): «إلا أن يقال بكون الحال».
(٣) في حاشية (أ): «لعدم شرطها من وجوب حذف عاملها وكونها مقررة بمضمون جملة اسمية».
(٤) هكذا وردت في النسختين، ولعلها تصحيف من النساخ.
(٥) سبق التعليق على ذلك ص ٩١.
(٦) اللذة: نقيض الألم، المحكم والمحيط الأعظم (١٠/ ٥٠) مادة [ل ذ ذ].
(٧) في حاشية (أ): «من أترصت الأمر وترصته أي أحكمته وقومته. «صحاح»». انظر: الصحاح (٣/ ١٠٣١) مادة [ت ر ص].
(٨) أرهص الشيء: أثبته وأسسه، والرهص: بالكسر العرق الأسفل من الحائط، انظر: أساس البلاغة (١/ ٣٩٩) المغرب ص (٢٠٣).
(٩) تصحيف، ولعلها: «عُبابُ»، والعُبابُ: هو الكثرة. انظر: لسان العرب (١/ ٥٧٣)، مادة [ع ب ب]، أو «معين» بمعنى: التمام. انظر: مختار الصحاح (١/ ٤٦٧)، مادة [عين].
(١٠) هذا من حسن ظنه بهم، والصالحون يشفعون يوم القيامة، كما هو مقرر في معتقد أهل السنة والجماعة. انظر: شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٢٩٠)، للإمام علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي المتوفي (٧٩٢ هـ)، تحقيق: د/ عبدالله التركي، وشعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، لبنان، بيروت، الطبعة الأولى ١٤٠٨ هـ، والتعليقات السنية على العقيدة الواسطية ص (١١٤)، لفيصل بن عبدالعزيز المبارك المتوفى سنة (١٣٧٦ هـ) تحقيق: عبد الإله الشايع، الناشر: دار الصميعي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى ١٤٢٧ هـ.