للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر في «الفوائد الظهيرية» (١): (أن حلق اللحية متعارف، فإن الأكاسرة يستعملون حلق اللحى شجعانهم، وكذلك بعض القضاة يفعلون ذلك) على ما ذكره شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله- في «أدب القاضي» (٢): (أن قاضيًا سمع هذا الحديث من جعل على القضاء، فقد ذبح بغير سكين، فقال: كيف يذبح الإنسان بغير سكين؟ ثُمَّ أنه دعا بحلاق ليسوّى لحيتيه فجعل الحلاق يحلق تحت لحيتيه إذ عطس القاضي فألقى الموسى رأسه بين يديه).

فلما كانت اللحية مقصودة بالحلق في بعض الناس ألحقت اللحية بالرأس احتياطًا لإيجاب الكفارة في المناسك، فإنها مبنية على الاحتياط حتى وجب مع الأعذار بخلاف تطييب ربع العضو؛ لأنه غير مقصود؛ لأن العادة في الطيب ليس هو الاقتصار على الربع، بل يطيبون العضو على الكمال، فصار العضو الكامل في باب الطيب بمنزلة الربع في باب الحلق في حق الكفارة، كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (٣) -رحمه الله-.

قلتُ: ما ذكر هاهنا من قول علمائنا، وهو أن في حلق ربع الرأس أو اللحية الدم موافق لجامعي الصغير للأخوين صدر الإسلام (٤)، وفخر الإسلام -رحمهما الله-، وشرح الطحاوي: فيما ذكره من ظاهر الرواية، ومخالف «الجامع الصغير» (٥) لشمس الأئمة السرخسي، وقاضي خان، ورواية الطحاوي فيما ذكره من «شرح الطحاوي» (٦)، وذكر شمس الأئمة، وقاضي خان أن على قول أبي يوسف، ومحمد إن حلق جميع الرأس فعليه الدم، وإن حلق أقل من ذلك فعليه الطعام، وهو قول مالك (٧)، وذكر الإمام المحبوبي فكان الصحيح ما ذكره عامة المشايخ (٨) في كتبهم يعني به عدم الاختلاف من علمائنا كما هو المذكور في «الهداية» (٩).


(١) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٣٢).
(٢) انظر: أداب القاضي (٩/ ١١).
(٣) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٣٢).
(٤) سبق التعريف به حينما أطلق عليه المؤلف -رحمه الله- كنيته (أبواليسر).
انظر: (ص/ ١٥٠).
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٣٢).
(٦) أبو حنيفة، و أبو يوسف، ومحمد قالوا: إذا حلق ربع رأسه أو لحيته فعليه دم، وإن كان أقل فعليه صدقة، وهو مخالف لما ذكره السرخسي، وقاضي خان، وما ذكر الطحاوي.
انظر: مختصر الطحاوي (٦٩)، الفتح (٣/ ٣١)، شرح اللباب (٢١٨)، البناية (٣/ ٦٧٣).
(٧) عند الحنفية يجب الدم لحلق ربع الرأس، أو ربع اللحية، وإن كان أقل فصدقة، وشعر البدن إن كان عضوا كاملا فدم، وإلا طعام، أمَا المالكية فكل ماتحصل به الرفاهية يجب به الدم، وعند الشافعية والحنابلة: تجب فيه ثلاث شعرات فصاعداً.
انظر: البناية (٣/ ٦٧٣)، بداية المجتهد (١/ ٣٢٩)، المجموع (٧/ ٢٢٢)، الشرح الكبير (٨/ ٢٢٥).
(٨) لفظ «عامة المشايخ» مصطلح عند فقهاء الحنفية يراد به أكثر مشايخ المذهب، ومثله لفظ (العامة).
انظر: الكواشف الجلية (ص/ ٤٣)، المذهب الحنفي (١/ ٣٢٢)، الفوائد البهية (ص/ ٤١٣).
(٩) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٣٢).