للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هو يقول: (الحظر ينعدم).

أي: الحرمة تنعدم، فلا يقع الفعل جناية فلذلك لا يفسد به الإحرام.

فصل الجناية التي تتحقق في حق الطواف

شرع في هذا الفصل في بيان جنس جناية أخرى، وهي الجناية التي تتحقق في حق الطواف، وإنما قدم ما ذكر قبل هذا؛ لأن ذلك في ذكر حياته يتحقق في حق الإحرام، وهو شرط، وهذا في حق بيان جناية يتحقق في حق الطواف، وهو

ركن (١)؛ لأن الأصل في الأطوفة الثلاثة طواف الزيارة، والشرط مقدم على الركن وجودًا، فكان ما يتعلق بالمقدم مقدمًا أيضًا.

(ومن طافَ طواف القدوم محدثاً فعليه صدقة) (٢).

وذكر في مبسوط شيخ الإسلام أنه ليس لطواف التحية محدثًا أوجنبًا شيء؛ لأنه لو تركه أصلًا لم يكن عليه شيء، فكذا إذا تركه من وجه، وذكر في «فتاوى قاضي خان» (٣) وإن طاف بالبيت تطوعًا على غير طهارة عن محمد -رحمه الله- أنه يلزمه الصدقة، وقال بعض مشايخ العراق (٤): أنه يلزمه الدم، وقال الشافعي (٥): لا يعتد به.

(وعندنا يعتد به)، أي: يعتبر حتى لو كان هذا في طواف الزيارة خرج (٦) به عن إحرامه، وحل له النساء، وكذا لو أتى به أكثر الطواف يتحلل حتى لو جامع بعد ذلك لا يلزمه شيء، كذا في «المبسوط» (٧)، و «فتاوى قاضي خان» (٨).

(الطواف صلاة إلا أن الله تعالى أباح فيه المنطق).

أي: صلاة حكماً؛ لأنه بعث لتعليم الأحكام دون الأسامي، ولأنه استثنى حكماً فعلم أن المستثنى منه حكم أيضًا، ولأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اشتغل بالاستثناء لإباحة الكلام إلى ذلك على تعميم الحظر.

قلنا: أما قوله: (الطواف صلاة)، فمعناه في حكم الصلاة أيضًا (٩)، والمقتضي لا عموم له عندنا، وإنما يقتضي حكمًا، وأنه ثابت فإن الجواز يتعلق بالبيت كما في الصلاة، وكذلك الإباحة بالطهارة، وأما الاستثناء قلنا: ذلك عندنا كلام مبتدأ، وهو استثناء مقطوع كأنه قال: ولكن أبيح فيه الكلام إزالة لإشكال الحرمة ألا ترى أنه أبيح فيه المشي، والانحراف عن البيت بخلاف الصلاة، كذا في «الأسرار» (١٠)، ولنا قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ} (١١)،


(١) سقط من (ب) من قوله: (وإنما قدم) إلى قوله: (وهو ركن).
(٢) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥١).
(٣) انظر: فتاوى قاضي خان (١/ ١٤٧).
(٤) مشايخ العراق: الْجَصَّاص والْقُدُورِيِّ والكرخي. انظر: حاشية ابن عابدين (٣/ ٨٦).
(٥) انظر: النووي في "المجموع" (٢/ ٦٧).
(٦) في (ب): جرح.
(٧) المبسوط (٤/ ٤٣).
(٨) فتاوى قاضي خان (١/ ١٤٧).
(٩) في (ب): اقتضاء.
(١٠) انظر: الأسرار (ص ٣٩٩).
(١١) سورة الحج من الآية (٢٩).