للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيمة الصيد، فإن كان دون ذلك لا يتأدى الواجب به، وكذلك إن سرق المذبوح؛ لأنه لا مدخل لإراقة الدم في الغرامات، فإنما المعتبر فيه التمليك من المحتاج، وذلك يحصل في اللحم.

وفي رواية أخرى يقول: يتأدى الواجب بإراقة الدم حتى إذا سرق المذبوح لا يلزمه شيء)، ويشترط أن تكون قيمته قبل الذبح مثل قيمة الصيد؛ لأن الهدي مال يجعله لله تعالى، وإراقة الدم طريق صالح شرعاً لجعل المال خالصاً لله تعالى بمنزلة التصدق.

ألا ترى أن المضحي يجعل الأضحية خالصة لله تعالى بإراقة الدم فكذلك هاهنا، كذا في «المبسوط» (١).

(ومن دخل الحرم بصيد) (٢).

أي: وهو حلال حتى يظهر خلاف الشافعي (٣)، فإن في المحرم لا يتوقف وجوب الإرسال إلى دخول الحرم، فإنه يجب عليه الإرسال بمجرد الإحرام بالاتفاق، فإنه يقول: حق الشرع لا يظهر في مملوك العبد؛ لأن حق الشرع إنما يثبت في المباح دون المملوك كالأشجار، فإنما ينبتها الناس في الحرم لا يثبت فيها حرمة الحرم، وقاس هذا بالاسترقاق، فإن الإسلام منع الاسترقاق لحق الشرع، ثُمَّ لا يزيل الرق الثابت قبله كذلك هاهنا، ولكنا نقول: حرمة الحرم في حق الصيد كحرمة الإحرام، فكما أن الحرمة بسبب الإحرام تثبت في حق الصيد المملوك حتى يجب إرساله، فكذلك الحرمة بسبب الحرم وليس هذا نظير الأشجار؛ لأن ما يثبته الناس ليس بمحل لحرمة الحرم أصلاً بمنزلة الأهلي من الحيوانات كالإبل، والبقر، والغنم، فأما الصيد مملوكاً كان أو غير مملوك، فهو محل لثبوت الأمن له بسبب الحرم، كذا في «المبسوط» (٤).

وأما الجواب عن مسألة الاسترقاق: فإن بقاء الرق من الأمور الحكمية حتى يثبت بطريق التبعية في الأولاد المسلمين، فلأن يثبت في حق الرقيق أولى، فأما هاهنا فالمأخوذ صيد بدلالة الحرمة بالإحرام، فلما دخل في الحرم صار الصيد صيد الحرم، فإنه ليس المراد من صيد الحرم إلا أن يكون الصيد موجود في الحرم، وهذا كذلك يثبت في حقه الأمن كسائر الصيود، فلا يثبت حكم الحل في الأولاد فكذا فيه.

قوله -رحمه الله-: (لما روينا) إشارة إلى قوله: (ولا ينفر صيدها).

(وكذلك بيع المحرم) (٥).

أي: يرد البيع إن كان قائمًا، وتجب القيمة إن كان فائتًا.

قوله: (لما قلنا) إشارة إلى قوله: (لأن البيع لم يجز).


(١) انظر: المبسوط (٤/ ٩٨).
(٢) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٣)
(٣) انظر: المجموع للنووي (٧/ ٣١١).
(٤) انظر: المبسوط (٤/ ٩٨).
(٥) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٣)