للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله -رحمه الله-: (ولو نبت بنفسه في ملك رجل فعلى قاطعه قيمتان).

فإن قلتَ: في هذا شبهتان إحداهما: أن النبات يملك بالأخذ، فكيف تجب القيمة بعد ذلك. والثانية: أن الحرم غير مملوك لأحد، فكيف يتصور قوله: (وقيمة أخرى ضمانًا لمالكه).

قلتُ: أما الجواب عن الأولى، فإن قوله -صلى الله عليه وسلم- «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي الثَلَاثٍ» (١) فمنها الكلأ، وهو في الكلأ الذي هو خارج الحرم، فأما في الحرم فما نبت من النبات ثبت حرام التعرض، فلا يقاس هو على غيره كما في صيده.

وأما عن الثانية: فإن القول بكونه مالكًا على قول من يرى جواز تملك أرض الحرم، وهو قول أبي يوسف ومحمد على ما يجيء في كراهية هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، ثُمَّ في قوله: (فإن قطع حشيش الحرم) إلى أن قال: (فعليه قيمته) (٢).

إشارة إلى تلك الواحدة؛ لأنه لمّا أضاف الحشيش إلى الحرم عُلم أنه مما لم ينبته الناس إلا فيما جفّ منه، وما تكسّر فلا بأس بالانتفاع به؛ لأن ثبوت الحرمة بسبب الحرم لما يكون ناميًا فيه حياة مثله، والمنكسر، وما يبس ليس فيه معنى النمو، فلا بأس بالانتفاع به على ما يأتي.

وذكر في «الإيضاح» (٣) لفظ الحديث: «لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها» (٤) فالشجر اسم لما كان ينمو، وأما اليابس فهو حطب لا يختلى خلاه، واختلاه قطعة، والخلى: الرطب من المرعى، والعضد: قطع الشجر من باب ضرب.

(لأن حرمة تناولها بسبب الحرم). لأن المحرم غير ممنوع عن الاحتشاش خارج الحرم.

فكان [في] (٥) ضمان المحال على [ما] (٦) بيّنا، وهو قوله: لأنها غرامة، وليست بكفارة إلى آخره.

فنذكر هاهنا أيضًا (٧) ما ذكرنا هناك من السؤال، والجواب، أعني: ما إذا قال: لو كان من ضمان المحال لوجب على الصبي، والمجنون، والكافر وقد ذكرناه.


(١) أخرجه ابن ماجه في "سننه" باب: [الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ] (٢/ ٨٢٦) برقم: [٢٤٧٢]، وقد ضعفه أبو زرعة والبخاري وغيرهما، وقال: محمد بن عمار الموصلي كذاب.
(٢) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٣)
(٣) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٠٢).
(٤) متفق عليه: أخرجه البخاري في "صحيحه" باب: [لَا يُنَفَّرُ صَيْدُ الحَرَمِ] (٣/ ١٤) برقم: [١٨٣٣]، وأخرجه مسلم في "صحيحه" باب: [تَحْرِيمِ مَكَّةَ وَصَيْدِهَا وَخَلَاهَا وَشَجَرِهَا وَلُقَطَتِهَا، إِلَّا لِمُنْشِدٍ عَلَى الدَّوَامِ] (٢/ ٩٨٨) برقم: [١٣٥٥].
(٥) أثبته من (ب).
(٦) أثبته من (ب).
(٧) ساقطة من (ب).