للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلتُ: فائدة إعادتها لفائدة ذكر مقترنها، وهو ذكر اختصاص الزمان، فإنه لما أراد ذكر الاختلاف في اختصاص ذبح دم الإِحْصَار بالزمان ذكر ما هو المجمع عليه، وهو الاختصاص بالمكان ليتهيأ القياس عليه لمن يشترط الاختصاص بالزمان، ولما أن هذه العبارة، أعني: أمور الحجّ مختصة بالمكان، والزمان، ولكن في اختصاص الزمان (١) أعرف (٢) وأثبت فلذلك وقع الافتراق بينهما حيث أجمع علماؤنا على اختصاص ذبح دم الإِحْصَار بالمكان، واختلفوا في حق الزمان، فلما أراد ذكر أحد المقترنين ذكر ما هو الأعرف (٣) فيها أولًا.

قوله -رحمه الله-: (اعتباراً بهدي المتعةِ والقِران).

هذا تعليلهما في المسألة التي قبل هذه، وهي قوله: (وقالا: لا يجوز الذبح للمحصرِ بالحجّ إلا في يومِ النحرِ) (٤).

قوله -رحمه الله-: (لأنه دمُ نُسكٍ).

يعني: أن سائر المناسك مختصة بالزمان فكذا هنا.

(وبخلافِ الحلقِ لأنه في أوانه).

وهذا لأن التحلل على نوعين في أوانه، أو قبل أوانه، [أما في أوانه فلابد من التوقيت بيوم النحر] (٥)؛ لأن الركن الأصلي هو الوقوف، وإنما ينتهي مدة الوقوف بطلوع الفجر يوم النحر، فلابد من أن يقع الحلق في يوم النحر، وأما إذا وقع التحلل في غير أوانه، فلا يتوقف على أداء أفعال هو بها مؤدّ للحج إلى يوم النحر، فلا يتوقف الدم على يوم النحر لعدم الضرورة، كذا ذكره فخر الإسلام.

وبهذا يُعلم أن معنى قوله: (وهو الوقوفُ ينتهي به).

أي: ينتهي الوقوف بوقت الحلق، وهو طلوع الفجر يوم النحر، وذكر في «الأسرار» (٦)، وأنا نحتج بقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٧)، ولم يشترط زمانًا فلا نزيد على كتاب الله تعالى بخبر الواحد، ولا القياس؛ لأنه نسخ، ولأن المكان لما صار مرادًا بقوله: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (٨)، بطل أن يكون الزمان به مرادًا؛ لأنهما مختلفان فلا يجتمعان مرادين بلفظ واحد على ما عُرف، وقياسهم باطل؛ لأنه [لا] (٩) يزيد أو لأنه قياس منصوص على منصوص.


(١) في (ب، ج) المكان.
(٢) في (ب، ج): أغرق.
(٣) في (ب، ج): الأغرق.
(٤) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٥)
(٥) أثبته من هامش (أ).
(٦) انظر: الأسرار (ص ٥٠٥).
(٧) سورة البقرة من الآية (١٩٦).
(٨) سورة البقرة من الآية (١٩٦).
(٩) أثبته من (ب، ج) ..