للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(لما أنه في معنى فائت الحجّ).

من حيث أن في كل منهما يخرج عن الإحرام بعد صحة الشروع قبل أداء الأفعال، ثُمَّ فائت الحجّ يتحلل بأفعال العمرة، ويقضي الحجّ على ما يأتي فكذا هنا، فإن قيل: ينبغي ألّا تجب العمرة؛ لأن وجوب العمرة على فائت الحجّ باعتبار التحلل، وقد ثبت التحلل للمحصر بالهدي، فلا حاجة إلى إيجاب العمرة.

قلنا: الهدي لأجل التحلل لا أن يسقط ما وجب، وهو العمرة بعد تحقق الإِحْصَار؛ لأن المحصر في معنى فائت الحجّ والعمرة واجبة على فائت الحجّ، كذا ذكره الإمام مولانا حميد الدين الضرير -رحمه الله-.

وفي «المبسوط» (١): أما قضاء الحجّ فإن كان محرمًا بحجة الإسلام فقد بقيت عليه حين لم تعتبر (٢) مؤداة، وإن كان محرمًا بحجة التطوع فعليه قضاؤها عندنا؛ لأنه صار خارجًا عنها بعد صحة الشروع قبل أوانها، وعند الشافعي (٣) -رحمه الله- لا يجب عليه القضاء، وهو نظير الشارع في صوم التطوع إذا أفسده، وقد بيّناه في كتاب الصوم.

قوله -رحمه الله-: (فإنْ بعثَ القارن هديًا، وواعدهم أنْ يذبحوه في يومٍ بعينه) (٤).

ذكر القارن هاهنا وقع غلطًا ظاهرًا من النسّاخ، فالصواب فيه أن يقال: فإن بعث المحصر وبيان الغلط من وجهين:

أحدهما أنه ذكر، فإن بعث القارن هديًا، ويجب على القارن بعث الهديين، فإنه لا يتحلل بالواحد؛ لأنه ذكر قبل هذا في هذا الباب، فإن كان قارناً بعث بدمين.

والثاني:/ أن المصنف -رحمه الله-[جمع] (٥) بين روايتي «القدوري (٦)»، و «الجامع الصغير» (٧)، وهذه المسألة مذكورة في هذين الكتابين في حق المحصر بالحجّ، وذكر في «الجامع الصغير» (٨) لقاضي خان، فلو أن المحصر بالحجّ بعث بالهدي، وواعدهم أن ينحروه عنه في يوم بعينه (٩)، ثُمَّ زال الإِحْصَار فالمسألة على وجوه أربعة، و هي مذكورة في الكتاب، فوجه الانحصار ظاهر؛ لأنه إما أن يدرك الحجّ والهدي، أو لا يدركهما أو يدرك الهدي دون الحجّ أو على العكس، فإن كان لا يدرك الهدي، والحجّ لا يلزمه أن يتوجه (١٠).


(١) انظر: المبسوط (٤/ ١٠٧).
(٢) في (ب، ج): تصر.
(٣) انظر: النووي في "المجموع" (٨/ ٣٠٧).
(٤) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٥).
(٥) أثبته من (ج).
(٦) القدوري هو الإمام أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي القدوري، الإمام المحدّث، انتهت إليه رئاسة الحنفية، وعظُم قدره، وارتفع جاهه، وكان حَسَن العبارة في المناظرة، مديمًا لتلاوة القرآن، له: المختصر المشهور في الفقه، شرح مختصر الكرخي، التجريد، (ت ٤٢٨ هـ).
انظر: الجواهر المضية (١/ ٢٤٧)، تاج التراجم (٩٨)، الفوائد البهية (٥٧).
(٧) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٣٢). البحر الرائق شرح كتاب الدقائق (٦/ ٢٠١).
(٨) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٣٢). البحر الرائق شرح كتاب الدقائق (٦/ ٢٠١).
(٩) ساقطة من (ج).
(١٠) هذه المسألة على ثلاثة أوجه: ١ - إما أن يقدر على إدراك الحج والهدي جميعا فعليه أن يتوجه لأداء الحج وليس له أن يتحلل بالهدي. ٢ - وإما أن لا يقدر على إدراك الحج والهدي جميعا، فلا يلزمه التوجه فيتحلل بالهدي، وله أن يتحلل بأفعال العمرة لأنه فائت الحج، ٣ - وإما أن يقدر على إدراك الحج، ولا يقدر على إدراك الهدي فعلى قول أبي حنيفة: يلزمه أن يتوجه ولا يتحلل بالهدي.
انظر: ذلك مفصلا في المبسوط (٤/ ١١٠)، البدائع (٢/ ١٨٣).