للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(لا طريقَ للخروجِ عنه إلا بأداءِ أحدِ النسكين).

أي: الحجّ والعمرة، فإن قلتَ: يُشكل هذا بالمحصر، فإن فيه خروجًا من الإحرام من غير أداء أحد النسكين.

قلتُ: أجرى الكلام على ما هو الأصل فلا يَرد العوارض نقضًا، وفصل المحصر من العوارض.

(كَما في الإحرامِ المبهم).

أي: المبهم من النسكين، وهما الحجّة والعمرة بأن أبهم في الإحرام، ويقول في التلبية: لبيك اللهم لبيك، ولم يعين الحجّة والعمرة، ولم ينو شيئاً بقلبه ولسانه (١)، فإنه يصح إحرامه، ولا يخرج عن الإحرام إلا بأداء أحد النسكين، فكذلك هاهنا لكن يتعين ذلك المبهم في المتيقن، وهو العمرة؛ لأنها أقل أفعالاً، وأيسر مؤنة، وذكر في «المبسوط» (٢) في باب الجمع بين الإحرامين، فإن أحرم لا ينوي شيئاً فطاف ثلاثة أشواط، ثُمَّ أهّل بعمرة، فإنه يرفض هذه الثانية؛ لأن الأولى قد تعيّنت عمرة حين أخذ في الطواف لما أن الإيهام لا يبقى بعد الشروع في الأداء، بل يتعين ما هو المتيقن، وهو العمرة فكذلك هاهنا، ثُمَّ فائت الحجّ إذا تحلل بأفعال العمرة هل ينقلب إحرامه إحرام (٣) عمرة؟ ذكرناه في باب الإِحْصَار.

(ولا دمَ عَليه).

(أي: عندنا خلافًا للشافعي، فإنه يوجب الدم عليه بالقياس على المحصر، وهذا فاسد؛ لأن المحصر عاجز عن التحلل بالطواف والسعي، وفائت الحجّ قادر على ذلك، ثُمَّ فائت الحجّ يقطع التلبية حين يستلم الحجر في الطواف لما أن هذا الطواف طواف العمرة، وأوان قطع التلبية في حقه هو أوان قطع التلبية في حق المعتمر، وإن كان قارناً فيقطع التلبية حين يأخذ في الطواف الثاني؛ لأن العمرة ما فاتته، فيجعل كأنه طاف لها قبل الفوات، ولا يقطع التلبية عندها، وإنما يقطع التلبية إذا أخذ في الطواف الذي يتحلل به عن الإحرام في الحجّ)، كذا في «المبسوط» (٤).

(إلا خمسةَ أيامٍ يكرهُ فعلها فيها، وهي يومُ عرفةَ ويومُ النحرِ، وأيام التشريق).

وفي كتاب الله تعالى إشارة إلى أن هذه الأيام ليست بوقت للعمرة قال الله تعالى: {يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} (٥)، وأن العمرة هي الحجّة الصغرى كما ورد به الأثر، فإضافة يوم النحر إلى الحجّ الأكبر دليل على أنه ليس بوقت للعمرة، وعلى قول الشافعي (٦) لا يكره العمرة في هذه الأيام الخمسة أيضًا، كذا ذكره شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله-.


(١) ساقطة من (ب، ج).
(٢) انظر: المبسوط (٤/ ١٨٤).
(٣) ساقطة من (ب، ج).
(٤) انظر: المبسوط (٤/ ١٨٤).
(٥) سورة التوبة من الآية (٣).
(٦) انظر "المجموع" للنووي (٧/ ١٤٨).