للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أهْلُ عَرَفَة إذا وَقَفُوا في يوم) إلى آخره.

وصورة ذلك أن يشهدوا أنهم رأوا هلال ذي الحجّة في ليلة كان اليوم الذي وقفوا فيه اليوم العاشر.

وللاستحسان وجهان: أحدهما: أن هذه شهادة قامت على النفي، وهو نفي جواز الوقوف فلا يُقبل، والثاني: أن شهادتهم مقبولة؛ لأنها قامت على الإثبات صورة، ولكن حَجَّتهم (١) جائز؛ لأنه لم يظهر بهذه الشهادة أنهم لم يقفوا في وقته قال -صلى الله عليه وسلم-: «صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وعرفتكم يوم تعرفون، وأضحيتكم يوم تضحون» (٢) أراد بذلك أن وقت الوقوف بعرفة اليوم الذي هو عرفة عندكم، وقد وقفوا في ذلك اليوم، وكان الشيخ الإمام السرخسي يحكي عن أستاذه الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني (٣) -رحمه الله- أنه كان يقول: "هذه المسألة من خواص هذا الكتاب"، أي: «الجامع الصغير» (٤)،

(ينبغي للحاكمِ أنْ لا يسمعَ هذهِ الشهادة).

أصلاً، ولكن إذا جاءوا ليشهدوا بذلك قال لهم: قد تمّ حج الناس بالوقوف في يوم عرفة عندهم، فليس في شهادتكم منفعة للناس، وإنما فيها إيقاع الفتنة، وإفساد الحجّ على الناس فانصرفوا، ولا حاجة بنا إلى هذه الشهادة التي تهيج الفتنة كذا في جامعي قاضي خان، والمحبوبي.

(ومن رمى في اليوم الثاني) (٥) إلى آخره.

يعني: رمي رجل في اليوم الثاني الجمرة الوسطى والثالثة، ولم يرم الأولى، ثُمَّ جاء يستغني في ذلك اليوم فالحكم ما ذكر، واعلم بأن الحاج في اليوم الثاني من أيام النحر يرمي بعد زوال الشمس في ثلاثة موضع يبدأ بالجمرة التي تلي المسجد، ثُمَّ بالوسطى، ثُمَّ بالعقبة [فإن بدأ بالوسطى ثُمَّ بالعقبة] (٦) فإن بدأ بالوسطى، ثُمَّ بالثالثة، ولم يرم الأولى فإن أعاد الأولى أجزأه؛ لأنه أتى بأصل الرمي في وقته فإنما ترك المسنون من الترتيب، وذلك لا يوجب شيئاً عليه، وإن أعاد


(١) في (ب، ج): حجهم.
(٢) أخرجه ابن ماجه في "سننه" باب: [مَا جَاءَ فِي شَهْرَيِ الْعِيدِ] (١/ ٥٣١) برقم: [١٦٦٠]، وأخرجه أبو داود باب: [إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلَالَ] (٢/ ٢٩٧) برقم: [٢٢٢٤]، وأخرجه الترمذي في "سننه" باب: [مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْفِطْرَ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ] (٣/ ٧١) برقم: [٦٩٧] ولفظ الترمذي هو «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ» وصححه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
(٣) الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني عبد العزيز بن أحمد بن نصر البخاري المشهور بشمس الأئمة الحلواني، إمام الحنفية في وقته، والحلْواني نسبة إلى عَمَل الحَلْوى وبيعها، له: المبسوط، النوادر (ت ٤٤٨ هـ)، أو (٤٤٩ هـ). انظر: الجواهر المضية (٢/ ٤٢٩)، تاج التراجم (ص/ ١٨٩)، الفوائد البهية (ص/ ١٦٢).
(٤) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٦٨).
(٥) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٧)
(٦) أثبته من (ب، ج).