للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله: -رحمه الله- سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ فِي مَحَلِّهَا (١) احتراز عن تمليك الغلمان والبهائم وغيرها فإنّ تمليكها ليس بسبب لملك المتعة التي هي الوطئ وحجّتنا أيضاً في هذا قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٢) فوهبت نفسها له فقد جعل الله الهبة جواباً للاستنكاح وهو طلب النكاح (٣) / فأمّا قوله: {خَالِصَةً لَكَ} (٤) فالأصحّ أنّ المراد هبة خالصة لأنّ قوله: {إِنْ وَهَبَتْ} (٥) يقتضي هبة فكان المعنى هبة خالصة لا يلزمك مهر لها وهذا لك دون المؤمنين.

ألا ترى أنّه قال: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ} (٦) يعني من الابتغاء بالمال والدّليل عليه أنّه قابل المرهونة (٧) نفسها بالموتى مهرها بقوله تعالى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} (٨)

وكذلك قال في آخر الآية: {لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ} (٩) فهو نصّ على أن هذه الخصوصية لدفع الحرج عنه وذلك ليس في اللّفظ إذ لا حرج عليه في ذكر لفظ النكاح وإنّما الحرج في إيفاء المهر.

وأمامنا في المسألة علي -رضي الله عنه- فإنّ رجلاً وهب ابنته لعبيدالله بن الحر (١٠) بشهادة شاهدين فأجاز ذلك علي (١١) كذا في الْمَبْسُوطِ (١٢).


(١) يُنْظَر: الهداية (٢/ ٤٦٠).
(٢) الأحزاب من الآية: ٥٠.
(٣) ينظر: تفسير فتح القدير (٤/ ٢٨٣)، وجوز أبو حنيفة النكاح بلفظ الهبة، ومنعه مالك والشافعي وابن حزم الظاهري. انظر: مختصر اختلاف العلماء، للطحاوي (٢/ ٢٩١)، المبسوط للسرخسي (٥/ ٥٩)، المحلى بالآثار، لابن حزم (٩/ ٤٨).
(٤) الأحزاب من الآية: ٥٠.
(٥) الأحزاب من الآية: ٥٠.
(٦) الأحزاب من الآية: ٥٠.
(٧) وفي (ب): (الموهوبة).
(٨) الأحزاب من الآية: ٥٠.
(٩) الأحزاب من الآية: ٥٠.
(١٠) عبيد الله بن الحر: هو عبيد الله بن الحر بن عمرو الجعفي، من بني سعد العشيرة: قائد، كان من خيار قومه شرفا وصلاحا وفضلا. وكان من أصحاب عثمان بن عفان، ومات سنة (٦٨ هـ).
يُنْظَر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (٥/ ٨٨)، الأعلام (٤/ ١٩٢)،
(١١) أخرجه مسلم في الحج حديث رقم (١١٩٩) رواه سعيد بن منصور (١/ ١٧٨)، البيهقي (٧/ ٢٢٨).
(١٢) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٠٨).