للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما المذهب عند جمهور الفقهاء فمعناه: إذا قمتم إلى الصلاة من منامكم أو وأنتم محدثون (١).

وما قاله أصحاب الظواهر فاسد لما روي أن النبي -عليه السلام- كان يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم الفتح صلى الخمس بوضوء واحد، فقال له عمر -رضي الله عنه-: رأيتك اليوم فعلت شيئًا لم تكن تفعله من قبل؟ فقال: «عَمْدًا فعَلْتُ يَا عُمَر كَي لا تحْرِجُوا» (٢).

[فقياسية] (٣) مذهبهم يوجب أن من جلس فتوضأ ثم قام إلى الصلاة يلزمه وضوء آخر، فلا يزال كذلك مشغولاً بالوضوء لا يتفرغ للصلاة، وفساد هذا لا يخفى على أحد.

كذا ذكره في «المبسوط» (٤) إمام الدنيا وَمِلاكُ الحُدّيَا (٥) سيما على أهل الفتيا، شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي تغمده الله بالرحمة والرضوان، وأسكنه في فراديس الجنان.

فإن قلت: هذا زيادة تقييد لإطلاق الكتاب بخبر الواحد (٦)، وأنتم تأبون ذلك كما أبيتم زيادة تعيين الفاتحة على القراءة، وزيادة الطهارة على الطواف بخبر الواحد.


(١) وهو كما قال: انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٥)، والكافي في فقه أهل المدينة (١/ ١٤٦)، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد (١/ ٤٣)، والأم للشافعي (١/ ٢٩)، والمغني لابن قدامة (١/ ١١١).
(٢) روى هذا الحديث ابن بريدة عن أبيه -رضي الله عنهما-، انظر: صحيح مسلم (٢/ ١١٤) كِتَاب الطَّهَارَةِ -بَاب جَوَازِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ برقم (٤١٥).
(٣) في النسختين (وقود)، والتصويب من المبسوط للسرخسي (١/ ٥).
(٤) انظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٥) باب كيفية الوضوء.
(٥) الحُدّيَا، من التحدي، وتحدِّي الرجل تعمَّده، وتحداه: باراهُ ونازعه الغلبة، انظر: لسان العرب (١٤/ ١٦٨) فصل الحاء المهملة.
(٦) خبر الواحد: كل خبر يرويه الواحد والإثنان فصاعدًا، لا عبرة لعدد فيه بعد أن يكون دون المشهور والمتواتر.
كشف الأسرار (٢/ ٣٧٠)، للبزدوي (ت ٧٣٠ هـ) ط: دار التاب العربي، بيروت، لبنان ١٣٩٤ هـ، والمغني للخبازي ص (١٩٤)، لأبي محمد، عمر بن بن محمد الخبازي (ت ٦٩١ هـ) تحقيق: د/ محمد مظهر بقا، الناشر: جامعة أم القرى، مركز البحث العلمي وإحياء التراث، ط: الأولى ١٤٠٣ هـ.
وخبر الواحد: إذا تلقته الأمة بالقبول، عملًا به وتصديقًأ له يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة، وهو أحد قسمي المتواتر، ولم يكن بين سلف الأمة نزاع كخبر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «إنَّمَا الأعْمِالُ بِالنِّياَّتِ … »، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرسل رسله آحادًا، ويرسل كتبه مع الآحاد، ولم يكن المرسل إليهم يقولون: لا نقبله لأنه خبر الواحد، انظر: بسط هذه المسألة في «شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٥٠١ - ٥٠٤)، ومختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن قيم الجوزية (ت ٧٥١ هـ) ص (٥٣١ - ٦١٥) اختصره: محمد بن محمد بن عبدالكريم بن رضوان البعلي شمس الدين، ابن الموصلي (ت: ٧٧٤ هـ)، تحقيق: سيد إبراهيم، الناشر: دار الحديث، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى ١٤٢٢ هـ.