للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكنّا نقول الفسق لا يخرجه من أن يكون أهلاً للأمانة (١) والسّلطنة فإنّ الأئمة بعد الخلفاء الرّاشدين -رضي الله عنهم- قلّما يخلو واحد منهم عن فسق فالقول بخروجه من أن يكون إماماً بالفسق يؤدّي إلى فساد (٢) عظيم ومن ضرورة كونه أهلاً للأمانة كونه أهلاً للقضاء لأنّ تقلّد القضاء يكون من الإمام (٣) ومن ضرورة كونه أهلاً لولاية القضاء أن يكون أهلاً للشّهادة وبه ظهر الفرق بينه وبين نقصان الحال بسبب الرّق.

ولأنّه صلح مقلدًا بكسر اللام أي صلح الفاسق إمامًا وسلطانًا كالحجّاج (٤) وغيره فيصلح مقلّدًا بفتح اللام أي قاضياً.

بخلاف ما إذا لم يسمعا كلام الزّوج لأنّه مخاطب بالشّهادة على العقد والعقد لا يكون إلا بكلام المتعاقدين وليس هذا كأنّهما لم يسمعا كلام الزّوج لما أنّ سماعهما كلام المسلم صحيح.

ألا ترى أنّه لو تزوّجها بشهادة الكافرين والمسلمين ثم وقعت الحاجة إلى أداء هذه الشّهادة تقبل شهادة الكافرين عليها إذا جحدت وعلى الزّوج لو كانا أسلما بعد ذلك فظهر أن سماعهما كلام المسلم صحيح فيحصل به الإشهادة عليهما بالعقد كذا في الْمَبْسُوطِ (٥) سواهما أي سوى المأمور والأب.

قوله: -رحمه الله- لِأَنَّ الْأَبَ يُجْعَلُ مُبَاشِرًا (٦) إلى آخر هذا التّعليل الذي ذكره تكلّف غير محتاج إليه بأن يجعل الأب مباشراً أو الزّوج شاهدًا لأن الأب يصلح شاهدًا في باب النكاح.

وذلك يغني عن هذا التكلّف وإنّما يحتاج إلى هذا التكلّف في المسئلة (٧) الأخيرة وفيها إذا زوّج الأب ابنته البالغة لما أنّ الابنة البالغة لا تصلح شاهدة على نفسها فلابدّ من نقل عبارة الأب إليها هناك ليصح العقد وذلك لأنّ الموجود من الوكيل واجب الانتقال إلى الموجب (٨) في باب النكاح ضرورة أنّ الوكيل سفير ومعبّر (٩) فيه ومتى كانت البكر حاضرة أمكن اعتبار الأب شاهدًا وأمّا إذا كانت غائبة فلا لأنّ الشّيءإنّما يقدر تقديراً أن لو تصوّر تحقيقاً إلى هذا أشار في الفوائد الظهيريّة (١٠) ومن هذا الجنس قال الإمام نجم الدّين النّسفي -رحمه الله- امرأة وكّلت رجلاً أن يزوجها [رجلاً فزوجها] (١١) بحضرة امرأتين والموكلة حاضرة قال يجوز النكاح وتصير الموكله هي المزوّجة قيل فإن أنكر الزّوج أو المرأة الموكّلة هذا العقد هل تقبل شهادة الوكيل والمرأتين على النكاح قال نعم إذا لم يقل الوكيل أنا زوّجتها إيّاه بالوكالة بل يقول هذه امرأة هذا كذا في الذّخيرة (١٢).


(١) وفي (ب): (للإمامة).
(٢) وفي (ب): (فسق).
(٣) وفي (ب): (الإيمان).
(٤) الحجاج: هو الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي، أبو مُحَمَّد: قائد، داهية، ولد ونشأ في الطائف (بالحجاز) ولاه عبد الملك مكة والمدينة والطائف، ثم أضاف إليها العراق والثورة قائمة فيه، فانصرف إلى بغداد في ثمانية أو تسعة رجال على النجائب، فقمع الثورة وثبتت له الإمارة عشرين سنة. وبنى مدينة واسط (بين الكوفة والبصرة) وأخبار الحجاج كثيرة، ومات سنة (٩٥ هـ).
يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٤٣)، الأعلام (٢/ ١٦٨).
(٥) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٣/ ٣٢).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٤٦٢).
(٧) وفي (ب): (المسلمه).
(٨) وفي (ب): (الموكل).
(٩) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٨ - ٢١)، بدائع الصنائع (٢/ ٢٣٢).
(١٠) هو كتاب الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة وهو فوائد على الْجَامِعِ الصَّغِيرِ للحسام الشهيد سماها الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة في الفقه، وهو لظهير الدين أبي بكر مُحَمَّد بن أحمد القاضي الفقيه الأصولي، (ت ٦١٩ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٢٠)، معجم المؤلفين (٨/ ٣٠٣).
(١١) ساقط من (ب).
(١٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ٣١).