للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: - والشّهود هو الحضور أي حضور من له ولاية على نفسه لما ذكر فأوله أنّ الشّهادة من باب الكرامة لأنّ في اعتبار قوله في نفسه ونفاذه على الغير إكرامًا للقاتل والفاسق ليس من أهل الإكرام [لجريمته] (١).

وَلَنَا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ (٢) أي (٣) من أهل الولاية على نفسه فكان من أهل الولاية على الغير عند وجود دليله فأمّا [العدالة] (٤) فيعتبر للتّرجيح في حق العمل به لأنّ الأمر في حق القاضي محتف أن هذا صدّق أو كذّب فاحتاج إلى دليل مرجح لبناء القضاء عليه ولا كلام في القضاء إنّما الكلام في الانعقاد [والانعقاد] (٥) تعتمد الأهليّة لا غير ألا ترى أنّ النكاح ينعقد بشهادة الأب والابن ولا يقضى بها.

كذا في الإيضاح وذكر في الْمَبْسُوطِ (٦) وفي الحقيقة المسألة تبتني على أن الفاسق من أهل الشّهادة عندنا وِإنما لم تقبل شهادته لتمكّن تهمة الكذب وفي الحضور والسّماع لا يتمكّن هذه التّهمة فكان بمنزلة العدل وعند الشّافعي رحمه الله (٧) الفاسق ليس من أهل الشّهادة أصلاً لنقصان حاله بسبب الفسق وهي تبتني أيضاً على أنّ أصل الفسق/ لا ينتقض من إيمانه عندنا فإنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص (٨) والأعمال من شرائع الإيمان لا من نفسه وعنده الشّرائع نفس الإيمان يزداد الإيمان بالطّاعة وينقص بالمعصية فجعل نقصان الدّين بسبب الفسق كنقصان الحال بسبب الرّق والصّغر.


(١) في (أ) غير واضح، وفي (ب): (لجريمته).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٤٦١).
(٣) وفي (ب): (لأنّ).
(٤) ساقط من (ب).
(٥) زياده من (ب).
(٦) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٣١).
(٧) ذهب المالكية إلى أن الفاسق لا يقبل خبره رواية كان أو شهادة وهو مجمع عليه، والشافعي إلى بطلان النكاح بشهادة الفاسق - وهو رواية عن أحمد، وذهب الحنفية إلى انعقاد النكاح بشهادة الفاسق - وهو رواية عن أحمد.
يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٣١)، بدائع الصنائع (٢/ ٢٥٥)، بداية المجتهد (٢/ ١٧)، مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل (٥/ ٢٧)، تكملة المجموع (١٦/ ١٥٧)، روضة الطالبين (٦/ ٤٠)، المغني (٧/ ٩).
(٨) وجب التنبيه على هذه المسألة لأهميتها. لقد اشتهر هذا القول عن الإمام أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.
وقول الجمهور في المسألة أن الإيمان: قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال السلف. قال الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} سورة آل عمران، الآية: ١٧٣.
الشاهد {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} دل على زيادة الإيمان وكل دليل دلّ على زيادة الإيمان دل على نقصانه، والعكس صحيح.
يُنْظَر: أصول السنة (١/ ٣٤)، شرح الطحاوية لابن أبي العز (١/ ٣٣١ - ٣٤٦)، التنكيل (١/ ١١٦)، وغيرها من كتب العقيدة، ويرحم الله أئمتنا وعلمائنا ويجزيهم عنا كل خير اللهم آمين.