للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمّا الذي ذكره من اشتراط الإعلان فهو موجود بحضور الشّاهدين فإنّه إذا حضره الشّهود فهو إعلان حقيقة كذا في الْمَبْسُوطِ (١) والإيضاح لأنّ العبد لا شهادة له لعدم الولاية (٢) والشّهادة من باب الولاية فلا يصحّ العبد شاهدًا وكذلك المجنون.

فإن قلت: إنّما يحتاج إلى وصف الولاية في حق الأداء عند مجلس القضاء لأنّ المعنى من الولاية هو نفاذ القول على الغير شاء الغير أو أبى وذلك إنّما يحتاج إليه عند الأداء لينفذ قوله على القاضي على وجه صار ملجأ إلى القضاء لا عند التّحمل وليس المراد من صلاحيته للشّهادة ههنا كونه صالحًا للأداء.

ألا ترى أنّ النكاح ينعقد بشهادة المحدودين في القذف (٣) وبشهادة العميان (٤) ولا أداء لهما علم بهذا أنّ المراد من الشّهادة ههنا هو كونه مسلمًا عاقلاً بالغًا يسمع كلام العاقدين والعبد كذلك وأيّده ما ذكر في النّافع بقوله والشّهود هو الحضور.

قلت: نعم كذلك إلا أنّ مراد المصنّف من الولاية ههنا هو ولاية المرء على نفسه بدليل قوله في تعليل الفاسق (٥) بقوله: وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَحْرُمْ الْوِلَايَةُ عَلَى نَفْسِهِ لَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ (٦)، وليس للعبد ولاية على نفسه وهي الأصل في الولاية [لأن الولاية] (٧) المتعدية فرع الولاية القائمة فلما لم يكن للعبد ذلك لم يكن من أهل الشّهادة.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٣١).
(٢) معنى الولاية: الولاية حق شرعي، ينفذ بمقتضاه الأمر على الغير جبراً عنه. انظر: فقه السنة، لسيد سابق (٢/ ١٢٥)، الموسوعة الفقهية الكويتية (١٧/ ٣٠٠).
(٣) المحدود: الذي أقيم عليه حد القذف: قال أبو حنيفة لا تقبل شهادته وإن تاب، إذا كانت توبته بعد الحد، وقال مالك والشافعي وأحمد: تقبل شهادته إذا تاب، سواء كانت توبته قبل الحد أو بعده إلا أن مالكا اشترط مع التوبة أن لا تقبل شهادته في مثل الحد الذي أقيم عليه. انظر: جواهر العقود، لشمس الدين الأسيوطي (٢/ ٣٥١).
(٤) قال أبو حنيفة لا تقبل شهادته أصلاً، وقال مالك وأحمد تقبل فيما طريقه السماع، كالنسب والموت والملك المطلق والوقف والعتق وسائر العقود، كالنكاح والبيع والصلح والإجارة والإقرار، ونحو ذلك، سواء تحملها أعمى أو بصيرا ثم أعمى، وقال الشافعي تقبل في ثلاثة أشياء ما طريقه الاستفاضة والترجمة والموت، ولا تقبل شهادته في الضبط حتى يتعلق بإنسان فيسمع إقراره ثم لا يتركه من يده حتى يؤدي الشهادة عليه، ولا تقبل فيما عدا ذلك. انظر: جواهر العقود، لشمس الدين الأسيوطي (٢/ ٣٥٢).
(٥) الفاسِقُ لمَنْ التَزَم حُكمَ الشّرع وأقرّ بهِ ثم أخلّ بجَميعِ أحكامِه. ينظر: تاج العروس (٢٦/ ٣٠٢).
(٦) يُنْظَر: الهداية (٢/ ٤٦١).
(٧) ساقط من (ب).