للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: كيف جاز تخصيص عموم قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (١) وغيره من الآي بخبر الواحد (٢).

قلت: ذكر فخر الإسلام البزدوي رحمه الله في الْمَبْسُوطِ (٣) هذا حديث مشهور تلقته الأمة بالقبول فيجوز الزّيادة بمثله على كتاب الله ولأن ذلك عام خصّ منه مواضع المحرمات فيجوز تخصيصه [حينئذ] (٤) بخبر الواحد وهو حجّة على مالك (٥).

وكذلك على ابن أبي ليلى (٦) وعثمان البتي (٧) فإنّهم يقولون الشّهود ليسوا بشرط في النكاح إنّما الشّرط الإعلان حتّى لو أعلنوا بحضور الصبيان والمجانين يصحّ النكاح ولو أمر الشّاهدين بأن لا يظهر العقد لا يصحّ وحجّتهم في ذلك قوله -عليه السلام-: «أَعْلِنُوا النِّكَاح ولو بالدُّفَّ» (٨) ولأنّ حرام هذا الفعل لا يكون إلا شراً فالحلال لا يكون إلا ضدّه وذلك بالإعلان لتنتفي التّهمة. ولنا الحديث المذكور في الكتاب (٩).


(١) النساء من الآية: ٣.
(٢) اختلاف العلماء في خبر الْوَاحِد الْعدْل على أقوال:
-القول الأول: خبر الْوَاحِد الْعدْل: حجَّة للْعَمَل بِهِ فِي أَمر الدّين وَلَا يثبت بِخَبَر الْوَاحِد علم الْيَقِين.
-القول الثاني: خبر الْوَاحِد الْعدْل: حجَّة للْعَمَل بِهِ فِي أَمر الدّين ويثبت بِخَبَر الْوَاحِد علم الْيَقِين.
-القول الثالث: خبر الْوَاحِد الْعدْل: ليس بحجة.
يُنْظَر: أصول السرخسي (١/ ٣٢١ - ٣٣٨)، الْمَبْسُوطِ (١٦/ ١١٢).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوط (٥/ ٣٠ - ٣١).
(٤) في (أ): (ح)، وفي (ب): (حينئذ).
(٥) أن الإمام مالك اشتراط الإعلان دون الشهادة؛ أي يصح النكاح من غير شهود، وهذا المشهور عن مالك رحمه الله والله أعلم .. ! قال ابن رشد رحمه الله: "اتفق أبو حنيفة ومالك والشافعي أن الشهادة شرط في النكاح "، والمشهور عن أحمد.، واختلفوا هل هي شرط صحة أو شرط تمام ". يُنْظَر: بداية المجتهد (٢/ ١٧)، المنتقى شرح الموطأ (٣/ ٣١٢)، المدونة (٢/ ٧٤٥)، تكملة المجموع (١٦/ ١٩٩).
(٦) ابن أبي ليلى: هو مُحَمَّد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، العلامة، الإمام، مفتي الكوفة وقاضيها، أبو عبدالرحمن الأنصاري، الكوفي، قال العجلي: كان فقيها، صاحب سنة، صدوقا، جائز الحديث، وكان قارئا للقرآن، عالما به، ومات سنة (١٤٨ هـ).
يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (٦/ ٣١٠)، وفيات الأعيان (٤/ ١٧).
(٧) عثمان البتي: هو أبو عمرو البصري فقيه البصرة أسم أبيه مسلم وقيل أسلم واسم جده جرموز البتي وأصله من الكوفة صاحب رأي وفقه وقال أحمد صدوق ثقة، ومات سنة (١٤٨ هـ).
يُنْظَر: سيرأعلام النبلاء (٦/ ١٤٨) تهذيب التهذيب (٧/ ١٥٣).
(٨) صحيح ابن حبان: (٩/ ٣٧٤). المستدرك على الصحيحين: (٢/ ٢٠٠) قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. كلاهما دون لفظ (بالدف). وهو بهذه الزيادة في البحر الزخار المعروف بمسند البزار. أحمد بن عمرو بن عَبْد الخالق البزار أبو بكر. (٢١٥/ ٢٩٢). تحقيق: د. محفوظ الرَّحْمَن زين الله. وقال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن ابن الزبير إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.
(٩) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٣٠ - ٣١).