للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا قلت: وربائبكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن (١) فإنك عاجل (٢) من لابتداء الغاية كما يقول بنات رسول الله -عليه السلام- من خديجة وليس بصحيح أن يعنى بالكلمة الواحدة في خطاب واحد معنيان مختلفان ولا يجوز الثاني لأن ما يليه هو الذي يستوجب التعلق به وهو ما ذهبنا إليه سواء كانت في حجره أو في حجرة غيره واختلفت الصّحابة -رضي الله عنهم- أن الحجر هل ينتصب شرطًا لهذه الحرمة أو لا فكان علي -رضي الله عنه- يقول: (الحِجْر شرط) (٣)، لقوله تعالى: {فِي حُجُورِكُمْ} (٤).

وأمّا عمر وابن مسعود كانا يقولان: الحجر ليس بشرط (٥)؛ لأنّ ذلك الحجر خرج مخرج العادة (٦) فإن بنت المرأة تكون [في] (٧) حجر زوج أمّها أي في تربيتها لا على وجه الشّرط كقوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ} (٨)، {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} (٩)، ولهذا اكتفى في موضع الإحلال بنفي الدخول ولم يشترط نفي الدّخول مع نفي الحجر لأن التحريم ضدّ الإحلال فما كان وجود الشّيء يجزيه شرطًا للتحريم كان نفي ذلك الشيء يجزيه شرطًا للتحليل وذكر في مبسوط (١٠) شيخ الإسلام قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (١١).


(١) يُنْظَر: الكشاف (١/ ٥١٦).
(٢) وفي (ب): (جاعل).
(٣) حكي عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه أنها لا تحرم إلا بالدخول بابنتها كما لا تحرم ابنتها إلا بالدخول بها.
أكثر أهل العلم على أن من عقد على امرأة حرم عليه كل أم لها من نسبٍ أو رضاعٍ قريبةٍ أم بعيدة ولا يشترط في هذا التحريم الدخولُ، وبه يقول من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن مسعود وابن عمر وجابر وعمران بن حصين وغيرهم من الصحابة والتابعن رضي الله تعالى عنهم، وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد، يُنْظَر: موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الاسلامي، باب: الزوجة تموت او تطلق قبل الدخول، (٢/ ٦٨٢).
(٤) النساء من الآية: ٢٣.
(٥) ينظر: الموطأ (٢/ ٥٣٣).
(٦) العادة في اللغة: الديدن يعاد إليه، سميت بذلك؛ لأن صاحبها يعاودها أي يرجع إليها مرة بعد أخرى. ينظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (٢/ ٤٣٦).
واصطلاحاً: ما استمر الناس عليه على حكم المعقول، وعادوا إليه مرة بعد أخرى. ينظر: التعريفات للجرجاني (ص: ١٤٦).
(٧) ساقط من (ب).
(٨) آل عمران من الآية: ١٦٧.
(٩) البقرة من الآية: ٧٩.
(١٠) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ٢٠٠).
(١١) النساءمن الآية: ٢٣.