للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتعليق الإباحة بعدم الدخول دليل على أنّ الحرمة لم تتعلّق بالدّخول والحجر جميعًا لأنّه لو كانت الحرمة متعلّقة بالدّخول والحجر جميعًا لتعلقت الإباحة بعدمهما جميعًا لأنّ الإباحة تتعلّق بضد ما تتعلّق به الحرمة ولم يكن كذلك علم أنّ الحرمة لم تتعلّق بالحجر.

فإن قلت: يحتمل أن يكون الحرمة متعلّقة بعلّة ذات وصفين وهما الدّخول والحجر ثم تنتفي الحرمة بانتفاء أحدهما لأنّ الشّيء ينتفي بانتفاء الجزء فكانت كالقرابة مع الملك في حق العتق حيث ينتفي العتق بانتفاء أحد هذين الوصفين فكذلك ههنا ثبوت الإباحة عند انتفاء الدخول لا يدلّ على أنّ الحرمة غير متعلّقة بالدخول والحجر.

قلت: نعم كذلك إلا أنّ الاستعمال في مجاري الكلام عند نفي الكلام ينفي عليه التي هي ذات وصفين هو نفي الوصفين جميعًا أو نفى عليه مطلقاً وأمّا أن ينفي أحد وصفيه ويسكت عن الآخر فلا حيث لا يقال لم يعتق لأنّه لم يرد الملك عليه أو لم ترد القرابة عليه بل يقال لأنّه لم يرد عليه الملك مع القرابة أو لم يوجد فيه علة العتق وكذلك لا يقال لا يجري حكم الربا وهو حرمة الفضل مع النّسيئة بين هذين البدلين لأنّه لم يوجد الجنسية أو لم يوجد القدر بل يقال لم يوجد القدر مع الجنسيّة أو لم يوجد علة الرّبا ولأنّ الأصل في النساء الحرمة بدليل أنّ الحرملة تثبت بالشبهات لا الحل [فلو] (١) كان الحجر مع الدّخول شرطًا لحرمة الرّبيبة كان الأولى أن يكتفى بأحدهما في موضع الحرمة ويقرن أحدهما بالنّفي في موضع الإحلال ولم يقل هكذا بل عكس علم أن ذكر الحجر خرج على [وفاء من] (٢) العادة لا لشرط قوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} (٣) فحليلة الابن حرام على الأب سواء/ دخل بها الابن أو لم يدخل (٤).

وكذلك منكوحة الأب حرام على الابن سواء دخل بها [الأب] (٥) أو لم يدخل فسمّيت امرأة الابن حليلة لأنّها حلّت للابن من الحل أو هي مشتقة من الحلول على معنى أنّها تحل فراشه وهو يحل فراشها.

فإن قيل: ابن الابن لا يكون من صلبه فكيف يصح تعدية حرمة حليلة الابن الصّلبي إليه مع هذا التّقييد.


(١) وفي (ب): (هو).
(٢) وفي (ب): (وفاق)
(٣) النساء من الآية: ٢٣.
(٤) انظر: المبسوط، للسرخسي (٤/ ٢٠٠)، الكافي في فقه أهل المدينة، لابن عبدالبر (٢/ ٥٣٦)، الحاوي الكبير، للمرداوي (٩/ ٢٠٠).
(٥) ساقط من (ب).