للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: مثل هذا اللّفظ يذكر باعتبار أنّ الأصل من صلبه كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠)} (١) والمخلوق من التراب هو الأصل كذا في (الْمَبْسُوطِ) (٢).

وذكر الأصلاب لإسقاط اعتبار التبني [فإنّ التبني] (٣) قد انتسخ بقوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} (٤) فكان رسول الله -عليه السلام- تبنى (٥) زيد بن حارثة (٦) ثم تزوّج زينب (٧) بعدما طلقها زيد (٨) فطعن المشركون [وقالوا: إنّه تزوّج حليلة ابنه، وفيه نزل قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٩) فهذا التّقييد هاهنا لدفع طعن المشركين] (١٠) لا لإحلال حليلة الابن من الرّضاع فإنّ حليلة الابن من الرّضاع حرام على أبيه (١١) من الرّضاع عندنا.

وقال الشّافعي -رحمه الله- (١٢) يحرم بناء على أصله أن لبن الفحل يحرم واستدلّ لهذا التقييد المذكور وأنا نقول ذلك التقييد لإخراج حليلة ألابن المتبنى لا لإخراج حليلة الابن من الرّضاع على ما ذكرنا ودليلنا قوله -عليه السلام-: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» (١٣) كذا في (الْمَبْسُوطِ) (١٤).


(١) الروم من الآية: ٢٠.
(٢) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ٢٠١).
(٣) ساقط من (ب).
(٤) سورة الأحزاب من الآية: ٥.
(٥) التبني: اتخاذ الشخص ولد غيره ابنا له، وكان الرجل في الجاهلية يتبنى الرجل، فيجعله كالابن المولود له، ويدعوه إليه الناس، ويرث ميراث الأولاد، وهو محرم. انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (٦/ ٢٩٥، ١٠/ ١٢٠).
(٦) هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى، شهد بدراً وأحداً واستخلفه رسول الله على المدينة حين خرج النبي إلى المريسيع، وشهد الخندق والحديبية وخيبر، استشهد في غزوة مؤتة سنة ٨ هـ. ينظر: الطبقات الكبرى، ٣/ ٢٩ - ٣٤، التاريخ الكبير، ٣/ ٣٧٩، الجرح والتعديل، ٣/ ٥٥٩.
(٧) هي: أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب بن أسد، بنت عمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة ٣ هـ، وهي أول نسائه لحوقاً به - صلى الله عليه وسلم -، توفيت سنة ٢٠ هـ، وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة، ثم زوجها الله منه من فوق سبع سماوات بشهادة جبريل، كانت أواهة كثيرة الخير. ينظر: معرفة الصحابة، ٦/ ٣٢٢٢ - ٣٢٢٦، أسد الغابة، ٥/ ٤٦٣ - ٤٦٥.
(٨) رواه البخاري كتاب النكاح باب الاكفاء في الدين (١/ ١٢) برقم (٥٠٨٨).
(٩) سورة الأحزاب من الآية: ٤٠.
(١٠) ساقط من (ب).
(١١) وفي (أ): (ابنه).
(١٢) يُنْظَر: الأم (٥/ ٢٦)، تكملة المجموع (١٨/ ٢١٠)، المغني (٩/ ٥٢٠ - ٥٢٢).
(١٣) سبق تخريجه (ص ٧٥).
(١٤) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ٢٠٠).