للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يجمع بين الأختين نكاحاً.

وكذلك لا يجوز الجمع بين من كانت في علّة الأختين أيضاً وهي أنّ كل شخص لو جعلت أحدهما ذكراً والأخرى أنثى لا يجوز النكاح بينهما وهذا المعنى شامل النّسب والرّضاع لضرورة من أهله مضافاً إلى محلّه أمّا الأهل فظاهر.

وأمّا المحل فلأنّ الأخت المملوك لم تصير فراشاً بنفس الوطئ ولم يشتغل رحمها بمائه شغلاً معتبراً ولهذا لا يلزمها العدة لو أعتقها ولو علقت بوطئه لا يثبت النّسب إلا بدعوته فإذا صحّ نكاح الأخت صار فراشاً له بالنكاح الصّحيح حتّى لو جاءت بولد لمدة يتوهّم [أو] (١) يكون العلوق (٢) بعد النكاح يثبت النّسب منه فلا يكون له أن يطأ المملوكة بعد هذا لأنّ المنكوحة صارت فراشاً له فلو استفرش المملوكة بالوطئ صار جامعًا بين الأختين في الفراش يعني الاستفراش الحسي في أحديهما والحكمي في الأخرى وذلك حرام.

قوله: لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مَوْطُوءَةٌ حُكْمًا (٣).

فإن قيل: لو كان النكاح قائمًا مقام الوطئ حتّى تصير المنكوحة موطوءة حكمًا وجب أن لا يجوز هذا النكاح [فلا] (٤) يصير جامعًا بينهما وطئاً كما قال: مالك -رحمه الله-.

قلنا: نفس النكاح ليس بوطئ، وإنّما يصير وطئاً بعد ثبوت حكمه وهو حلّ الوطئ وحكم النكاح يثبت بعده فالنكاح حال وجوده ليس بوطئ فيصحّ لوجوده من أهله في محلّه ثمّ تصير المنكوحة موطوءة حكمًا فلا يطأ الأخرى كيلا يصير جامعًا بينهما.

قوله: وَلَا يَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ (٥) لأنّ أختها وهي المملوكة موطوءة حقيقة وحكم ذلك الوطئ قائم حتّى لو أراد أن يبيع يستحب له الاستبراء (٦) فيصير جامعًا بينهما وطئاً حقيقة إلا إذا حرم الموطوءة على نفسه بسبب من الأسباب كالبيع والتّزويج لأنّه لا يبقى بعد هذا معنى إشتغال رحمها بمائة حقيقة ولا حكمًا ألا ترى أنه يحلّ لزوجها أن يغشاها فيحلّ له أن يطأ المنكوحة هذا كله من الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٧) (٨) لِقَاضِي خَانْ (٩) والمحبوبي (١٠) فإن تزوّج أختين في عقدين ولا يدري أيتهما أولى وإنّما قيّد بهذين القيدين لأنّه لو تزوّجها في عقد واحد بطل نكاحهما ولو علم أن واحدة منهما أولى بطل نكاح الثّانية لعدم الفائدة [والفائدة] (١١) حلّ القربان للزّوج وذلك لا يثبت ههنا للجهالة.


(١) وفي (ب): (أن).
(٢) العلوق: والمعالق، وهى الناقة تعطف على غير ولدها فلا ترأمه، وإنما تشمه بأنفها وتمنع لبنها. قال الجعدى: وما نحنى كمناح العلوق ما تربى غرة تضرب يُنْظَر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٤/ ١٥٣٠).
(٣) يُنْظَر: الهداية (٢/ ٤٦٤).
(٤) وفي (ب): (كيلا).
(٥) يُنْظَر: الهداية (٢/ ٤٦٤).
(٦) الاستبراء: هو لغة: طلب البراءة؛ وشرعا: التربص الواجب على كاملة الرق بسبب تجديد ملك أو زوال فراش مقدرا بأقل ما يدل على البراءة، فلو باع جارية ثم اشتراها في المجلس ثبت الاستبراء فيها تقديرا عند الحنفية، يُنْظَر: كتاب الكليات (١/ ١٠٤).
(٧) الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وشرحه النافع الكبير لأبي عبدالله مُحَمَّد بن الحسن الشَّيْبَانِيّ طبعته دار عالم الكتب ببيروت سنة ١٤٠٦ هـ ويقع في جزء واحد وله شروحات كثيرة منها شرح البزدوي وشرح التُّمُرْتَاشِي.
(٨) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ١٧٦).
(٩) هو الإمام الكبير، فخر الدين قاضي خان، الحسن بن منصور بن أبي القاسم محمود الأوزجندي الفرغاني، وله "الفتاوي المشهورة، وشرح الْجَامِعِ الصَّغِيرِ" قال عنه أبو المحاسن محمود الحصيري: هو سيدنا القاضي الإمام، والأستاذ فخر الملة ركن الإسلام، بقية السلف، مفتي الشرق. (ت ٥٩٢ هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٣٨٣)، الطبقات السنية (٣/ ١١٦)، سير أعلام النبلاء (٢١/ ٢٣١)، الأعلام (٢/ ٢٢٤).
(١٠) المحبوبي: هو جمال الدين أبو الفضل عبيدالله بن إبراهيم بن أحمد بن عبدالملك بن عمر بن عبدالعزيز بن مُحَمَّد بن جعفر بن هارون بن مُحَمَّد بن أحمد بن محبوب بن الوليد بن عبادة بن الصامت الانصاري العبادي المحبوبي البخاري الحنفي، انتهت إليه معرفة المذهب، والمعروف بأَبِي حَنِيفَةَ الثاني، مات سنة (٦٣٠ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (١/ ٣٣٦)، سير أعلام النبلاء (٢٢/ ٣٤٥).
(١١) زيادة من (ب).