للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: أمّا في تزويد الحامل من الزنا [قط] (١) لأنّ الحرمة فيها مختلف فيها خصوصاً على رواية النّوازل التي ذكرناها فكانت الحرمة فيها أهون من الحرمة هنا فذكر لذلك الفاسد دون الباطل وكذلك في المسبية على رواية الحسن عن أَبِي حَنِيفَةَ -رحمهما الله- على ما ذكرنا لأنّها فراش لمولاها لوجود حدّ الفراش لأنّ الفراش عبارة عن صيرورة المرأة متعيّنة لثبوت نسب ولد الرّجل منها وهذا كذلك وذكر الإمام المحبوبي-رحمه الله-.

اعلم بأنّ الفراش على ثلاثة أنواع قوي وضعيف ووسط الحال فالقوي فراش النكاح ولهذا لو جاءت المنكوحة بولد يثبت نسبه من غير دعوى ولو نفاه الزّوج لا ينتفي لمجرّد النّفي من غير لعان والمتوسّط فراش أمّ الولد حتّى لو جاءت بولد يثبت النّسب من غير دعوى ولو نفاه ينتفي بمجرّد النّفي من غير لعان والضّعيف فراش الأمة حتّى لو جاءت بولد لا يثبت نسبه من المولى من غير دعوى منه (٢).

قوله إلا أنّه غير متأكّد حتّى ينتفي الولد بالنّفي من غير لعان.

فإن قيل: إذا كان الولد ينتفي نسبه بمجرّد النّفي ينبغي أن يجوز النكاح وإن كانت حبلى لأن الإقدام على النكاح يكون نفياً للنّسب لما أنّ النكاح لا يجوز مع ثبوت النسب عن الغير وهذا لأنّ النّسب كما ينتفي بالنّفي صريحًا [ينتفي بالنفي] (٣) دلالة بدليل أنّ الرّجل إذا كانت له جارية ولدت ثلاثة أولاد في بطون مختلفة فادّعى المولى الأكبر ثبت نسب الأكبر وينتفي نسب الأوسط والاصغر لدلالة نفي نسبهما بتخصيص نسب الأكبر.

قلنا: ما ذكرتم عمل بالدّلالة مع قيام الصّريح بخلافهما فإن المسألة مصورة فيما إذا كان الحمل منه فإنّه قال رجل زوج أم ولده وهي حامل منه كذا في الفوائد الظهيريّة.

وقوله: إلا أنّه غير متأكّد إلى آخره جواب إشكال يرد على قوله لأنّها فراش على مولاها وهو أن يقال يشكل لما إذا زوجها وهي حامل فإنّه يجوز فلو كانت أمّ الولد فراشاً لمولاها لما جاز نكاحها عند كونها حاملاً لما أنّ الجمع بين الفراشين الصّحيحين لا يجوز فأجاب عنه فقال نعم كذلك إلا أن فراشها ضعيف فيتأكّد عند اتّصال الحمل بها منه وإنّما تأكّد به لأن الحمل مانع في الجملة وكذلك الفراش مانع أيضاً فعند اجتماعهما يحصل التأكّد لأنّها ليس بفراش لمولاها لانعدام حدّ الفراش الذي ذكرناه إذ لو كانت متعينة لثبوت النّسب منها لثبت من غير دعوة إلا أنّ عليه أن يستبرئها صيانة لمائه أي الاستبراء على المولى بطريق الاستحباب (٤) دون الحتم ثم تزوّجها صيانة لمائه فللزّوج أن يطأها قبل الاستبراء عند أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يوسف-رحمهما الله- وهذا [الاختلاف] (٥) فيما إذا لم يستبرئ المولى أمّا إذا استبرئها المولى ثم زوّجها فإنّه يجوز الوطئ قبل الاستبراء بالاتّفاق.


(١) وفي (ب): (فظاهر).
(٢) انظر: النتف في الفتاوى، للسغدي (ص ٣١٠).
(٣) ساقط من (ب).
(٤) الاستحباب في اللغة: كالاستحسان، يقال: استحبه عليه أي اختاره عليه وآثره. ينظر: لسان العرب (١/ ٢٨٩)، مختار الصحاح (ص: ٦٥)، تاج العروس (٢/ ٢٣٤).
وفي الاصطلاح: ما طلب الشارع فعله من غير إلزام، بحيث يمدح فاعله ويثاب، ولا يذم تاركه ولا يعاقب. ومن أسمائه: المندوب، والتطوع، والنفل، والحسن، والمرغَّب فيه، والفضيلة. ينظر: التعريفات (ص: ٢١٣)، أصول السرخسي (١/ ١٧)، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (٢/ ٣٠٢ - ٣٠٣).
(٥) زيادة في (ب).