للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أَبُو يُوسُف -رحمه الله -[يقول] (١) أولاً: لا يجوز تزويجها نفسها من الْكُفْءٍ أو غير كُفْءٍ إذا كان لها ولي ثم رجع، وقال: إن كان الزّوج كُفُؤًا لها جاز النكاح وإلا فلا ثمّ رجع وقال النكاح صحيح سواء كان الزّوج كُفُؤًا لها أو غير كُفْءٍ وعلى قول مُحَمَّد -رحمه الله- يتوقف نكاحها على إجازة الولي سواء زوجت نفسها من كُفْءٍ أو غير كُفْءٍ فإنّ إجازة الولي جاز وإن أبطل بطل إلا أنّه إذا كان الزّوج كُفُؤًا لها ينبغي للقاضي أن يجدد العقد إذا أبى الولي أن يزوّجها منه، وعلى قول مالك والشّافعي- رحمهما الله- (٢) تزويجها نفسها باطل على كل حال، ولا ينعقد النكاح بعبارة النساء أصلاً سواء زوجت نفسها أو ابنتها أو أمتها/ أو توكلت بالنكاح عن الغير، ومن العلماء من يقول: إن كانت غنية شريفة لم يجز تزويجها نفسها بغير رضاء الولي، وإن كانت فقيرة خسيسة يجوز لها أن تزوج نفسها بغير رضاء الولي، ومنهم من فصل بين البكر والثّيب (٣)، وهو قول أصحاب الظّواهر (٤) كذا في الْمَبْسُوطِ (٥) لأنّ النكاح يراد لمقاصده والتّفويض إليهن يخل بها.

فإن قلت: هذا التعليل غير [ممشي] (٦) في عدم انعقاد النكاح بعبارة النساء فإنّ عند الشّافعي -رحمه الله- (٧) لا ينعقد النكاح بعبارة النّساء وإن أذن لها وليّها في النكاح ورأى المصلحة في تزويجها نفسها ذكرها في الأسرار (٨).


(١) ساقط من (ب).
(٢) اختلف العلماء في مسألة: هل يجوز للمرأة تزويج نفسها؟ وسبب الخلاف: هو اشتراط الولي في النكاح، فذهب الجمهور إلى اشتراط الولي في النكاح، وقالوا: لَا تُزَوِّج الْمَرْأَة نَفْسَهَا، وَذَهَب أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّه لَا يُشْتَرَط الْوَلِيّ، وَيَجُوز أَنْ تُزَوِّج نَفْسَهَا وَلَوْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا.
يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٠)، المدونة (٢/ ١١٩)، تكملة المجموع (١٦/ ١٤٩)، المغني (٧/ ٧)، التمهيد (١٩/ ٩٠ - ٩١)، فتح الباري (٩/ ١٨٧).
(٣) البكر هي التي يكون واطئها مبتدءًا لها، ويقابلها الثيب وهي التي يكون واطئها راجعًا إليها. ويطلق على الرجل والمرأة. ينظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٣/ ٦٣)، طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: ٤٠)، المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٤٩).
(٤) يُنْظَر: المحلى بالآثار (٩/ ٣٤ - ٣٦)، بداية المجتهد (٢/ ٨ - ٩).
(٥) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٠).
(٦) وفي (ب): (موشي).
(٧) يُنْظَر: روضة الطالبين (٧/ ٥٠).
(٨) الأسرار في الأصول والفروع، لأبي زيد، عبدالله بن عمرو الدبوسي الحنفي (ت ٤٣٠ هـ)، وهو مجلد كبير. ينظر: كشف الظنون، لحاجي خليفة (١/ ٨١).