للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك فيما ذكرنا من الْمَبْسُوطِ (١) بقوله أو توكلت النكاح عن الغير.

فحينئذ يمكن أن يقال فلمّا كانت مباشرتها بإذن الولي فيها ورؤيته المصلحة في تزويجها نفسها يرتفع الإخلال بالمقاصد (٢) لأنّه لا يكون بمباشرة الولي إلا هذا وهي قد أتت به فكان كلا الفعلين سواء فيجوز مباشرتها النكاح وليس كذلك قلت هذا التّعليل تعليل أن [لا] (٣) يفوض إليهنّ أمر النكاح مطلقاً من غير نظر إلى أن يأذن لها الولي بالنكاح أولاً.

وأمّا تعليل عدم جواز مباشرتها النكاح بنفسها وإن أذن لها وليّها هو ما ذكره في الأسرار وقال فقال مُحَمَّد وأَبُو يُوسُف- رحمهما الله- آخراً أنّ المرأة تملك العقد بإذن الولي.

وعند الشّافعي-رحمه الله- (٤) لا تملك لأنّها أنثى فيكون مولياً عليها في النكاح قياساً على الصّغير وهذا لأنّ الولاية عليهنّ لم تثبت بالصّغر بل بالأنوثة حتّى بقيت بعد الكبر بالإجماع على أنّ الولي إذا زوّج البكر كان سكوتها رضا وغير الوليّ إذا زوج لا ينفذ إلا بالرضا باللّسان وكذلك المرأة منهية عن المباشرة بالإجماع مأمورة بالطّلب من الوليّ وإذا طلبت لزم الولي الإجابة ولولا ذلك لما لزمه بطلبها مباشرة العقد كما في مالها وإذا كان كذلك صارت صفة الأنوثة في هذا الباب كالصّغر في باب المال بلغت المباشرة منها.

وذكر في (الْمَبْسُوطِ) (٥) في دعواه هذا الحكم حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وهو أنّ النبي -عليه السلام-: قال: «لَا تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» (٦) إنما الزانية هي التي تنكح نفسها وأمّا من شرط الولي فاستدلّ بقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (٧).


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٠).
(٢) المقاصد في اللغة: جمع مقصد، وهو: الوجهة أو المكان المقصود. وفي الاصطلاح: لم يتعرض علماء الأصول إلى تعريف المقاصد، والذي يستخلص من كلامهم في ذلك: أنها المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة. ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (٣٨/ ٣٢٩).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) إذا زَوَّجَ البكر البالغ غير الأب والجد من الأولياء لم يصح حتى يستأذن، وهو إجماع لا خلاف فيه، وفى اذنها وجهان:
أحدهما: لا يحصل الا بنطقها، لان كل من يفتقر نكاحها إلى اذنها افتقر إلى نطقها مع قدرتها على النطق كالثيب وهو المذهب انها إذا استؤذنت فصمتت كان ذلك اذنا منها في النكاح لقوله صلى الله عليه وسلم اليتيمة تستأمر في نفسها فان صمتت فهو اذنها لانها تستحى ان تأذن بالنطق بخلاف الثيب.
يُنْظَر: تكملة المجموع (١٦/ ١٦٩ - ١٧٠).
(٥) يُنْظَر الْمَبْسُوطِ (٥/ ١١).
(٦) رواه الشافعي في مسنده (٢/ ١٣) بلفظ «لا تُنْكِحُ المَرْأةُ المَرْأةَ فإن البَغيَّ إنما تُنْكِحُ نفسها»، الدارقطني (٤/ ٣٢٦) بلفظ «لَا تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، إِنَّ الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا هِيَ الْبَغِيُّ، ابن ماجة في كتاب النكاح باب لا نكاح الا بولي برقم (١٨٨٢) بلفظ «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا»، وصححه الألباني في الارواء برقم (١٨٤١).
(٧) سورة البقرة من الآية: ٢٣٢.