للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخامس: الكفاءة في الحسب، كذا في الْمَبْسُوطِ (١)، وذكر الإمام الولوالجي (٢) - رحمه الله - في سبعة أشياء وزاد عليها التّقوى وإسلام الأب والعقل (٣)؛ ولأن انتظام مصالح النكاح والمصالح هي السكن والازدواج والتّوالد والتّناسل وهذه المقاصد لا تتحصل عادة إلا عند التساوي في أسباب الشّرف لأنّ الزّوج إذا لم يكن شريفاً فلما ترض المرأة أن تكون مستفرشة له.

فحينئذ يختلفان ويتشاجران فلا تتحقّق مقاصد النكاح عند ذلك وعن الكرخي-رحمه الله- أنه كان يقول: الأصح عندي أنّه لا تعتبر الكفاءة أصلاً؛ لأنّ الكفاءة غير معتبرة فيما هو أهم من النكاح، وهو الدّماء فلأن لا تعتبر في النكاح أولى، ولكن هذا ليس بصحيح فإنّ الكفاءة في الدّين غير مُعْتَبَرَة في باب الدّم حتى يقتل المسلم بالكافر الذي يدلّ ذلك على أنّه غير معتبر في النكاح كذا في الْمَبْسُوطِ (٤) بخلاف جانبها أي أنّ الكفاءة إنّما تعتبر في جانب الرجال للنساء.

بخلاف جانب المرأة للرجال لأنّ المرأة وإن كانت خسيسة يستفرشها الرجال فلم يعتبر الكفاءة [في جانبها ثم الكفاءة تعتبر في النسب الا على قول سفيان الثوري -رحمه الله- فإنه كان يقول لاتعتبر الكفاءة] (٥) من حيث النّسب وقيل أنّه كان من العرب فتواضع ورأى المولى كفوًا [له] (٦) وأبو حنيفة -رحمه الله- كان من الموالي فتواضع ولم ير نفسه كفوًا للعرب.

وحجّته في ذلك قال -عليه السلام-: «النَّاسُ سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ إنَّمَا الْفَضْلُ بِالتَّقْوَى» (٧)، وهذا الحديث يؤيّده قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (٨)، وقال -عليه السلام-: «كُلُّكُمْ بَنُوا آدَم طَفّ الصَّاع لَمْ يُمْلَأه» (٩).


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٢٥).
(٢) الإمام الْوَلْوَالِجِيُّ: هو عبد الرشيد بن ابى حنيفة نعمان بن عبدالرَّزَّاق بن عبدالله الولوالجى. القاضى ظهير الدَّين أَبُو الْفَتْح الْفَقِيه الْحَنَفِيّ. صنف الامالى فِي الْفِقْه الْفَتَاوَى. سكن سَمَرْقَنْد ولد سنة (٤٦٧ هـ) وَمات سنة (٥٤٠ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (١/ ٣١٣ - ٣١٥)، تاج التراجم (١/ ١٨٨)، الأعلام (٣/ ٣٥٣).
(٣) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (٥/ ١١٠).
(٤) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٢٤).
(٥) زيادة من (ب).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) أخرجه الديلمي عن سهل بن سعد. يُنْظَر: كشف الخفاء ومزيل الالتباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للعجلوني (٢/ ٤٥١). وهو ضعيف الإسناد، أخرجه ابن لال بلفظ قريب عن سهل بن سعد «الناس كأسنان المشط، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى» (سبل السلام: ١٢٩/ ٣).
(٨) سورة الحُجُرات من الآية: ١٣.
(٩) أخرجه أحمد (٤/ ١٤٥، رقم ١٧٣٥١)، والطبرانى (١٧/ ٢٩٥، رقم ٨١٤)، قال الهيثمى (٨/ ٨٤): فيه ابن لهيعة وفيه لين وبقية رجاله وثقوا.