للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكذلك إذا كان فضولياً من جانب وكيلاً من جانب وذكر الإمام المحبوبي-رحمه الله- فقال (١): واعلم أن ههنا مسائل شتّى ثلاث منها تقف على الإجازة بلا خلاف أحديها أنّ الفضولي إذا قال زوجت فلانة من فلان وقبل عنه فضولي آخر أو قال الرجل تزوجت فلانة وهي غائبة فأجابه فضولي وقال زوجتها منك أو قالت المرأة زوجت نفسي من فلان الغائب وقبل عن فلان فضولي توقف العقد على الإجازة في هذه الفصول الثّلاثة بالاتّفاق لأنّه عقد جرى بين اثنين فيكون باباً موقوفاً على الإجازة وفي ثلاث منها اختلاف:

أحديها: … ما ذكر أولاً وهو قوله ومن قال اشهدوا أني قد تزوّجت فلانة.

والثّانية: … أن تقول المرأة زوجت نفسي من فلان وفلان غائب ولم يقبل عنه أحد.

والثّالثة: … أن يقول الفضولي زوجت فلانة من فلان وهما غائبان ولم يقبل أحد فعلى قولهما لا يتوقف العقد على إجازة الغائب وهو قول أبي يوسف-رحمه الله- أولاً وعلى قوله الآخر يقف لأنّ الكلام الواحد في باب النكاح عقد تام.

ألا ترى أنّه لو كان مأموراً بالعقد أو ولياً من الجانبين كان كلامه عقداً نافذاً.

قوله: وما جرى بين الفضوليين عقد [تام] (٢) لوجود الإيجاب والقبول فيتوقّف وكذا الخلع (٣) وأختاه وهما الطّلاق على مال والإعتاق على مال لأنّه تصرف يمين من جانبه (٤).

وإنما قلنا أن الخلع في جانبه يمين لما فيه من تعليق الطّلاق لقبولها والطّلاق يحتمل التّعليق بالشّرط ولهذا لا يصحّ الرجوع عنه ولا يبطل لقيامه عن المجلس وفي النكاح قوله زوّجت فلانة لا يمكن أن يجعل تعليقاً لأنّ النكاح لا يحتمل التّعليق بالشّرط فكان هذا شطر العقد فلا يتوقف.

فإن قيل: لو قال الزّوج بمحضر منها طلقتك بكذا فقامت المرأة عن المجلس قبل القبول فإنّه يبطل ذلك ولو كان تعليق بالشّرط لما بطل بقيامها عن المجلس كما في سائر التعليقات.


(١) ينظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٣١٠ - ٣١١).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) الخلع (بالفتح) لغة هو النزع والتجريد، والخلع (بالضم) اسم من الخلع. ينظر: القاموس المحيط (ص: ٧١٣)، تاج العروس (٢٠/ ٥١٨).
وأما الخلع عند الفقهاء فقد عرفوه بألفاظ مختلفة تبعا لاختلاف مذاهبهم في كونه طلاقا أو فسخا، فالحنفية يعرفونه بأنه عبارة عن: أخذ مال من المرأة بإزالة ملك النكاح بلفظ الخلع. وتعريفه عند الجمهور في الجملة هو: فرقة بعوض مقصود لجهة الزوج بلفظ طلاق أو خلع. ينظر: فتح القدير (٣/ ١٩٩)، جواهر الإكليل (١/ ٣٣٠)، روضة الطالبين (٧/ ٣٧٤)، كشاف القناع (٥/ ٢١٢).
(٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (١/ ٢٠٣).