للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أنّ البيع بلا ثمن ومطلقاً عن ذكر الثمن سواء في عدم الجواز إلى هذا أشار في الأسرار.

ولنا قوله -عليه السلام-: «وَلَا مَهْرَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَة» (١) إنّما ذكره بالواو لأنّ هذا معطوف على ما قبله في الحديث وهو ما روى جابر رضي الله عنه أنّ النبي -عليه السلام- قال: «أَلَا لَا تُزَوِّجُ النِّسَاءَ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ، وَلَا يُزَوَّجْنَ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاء ولا مهر أقل من عشرة دراهم» (٢).

وفي حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنّ النبي -عليه السلام- قال: «لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِم ولَا مَهْرَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَة دَرَاهِم» (٣).

فإن قلت: هذا الحديث معارض بما روي من الأحاديث منها ما روي عن النبي -عليه السلام- أنّه قال: «من اسْتَحَلَّ بِدِرْهَمٍ فَقَدْ اسْتَحَلَّ» (٤)، ومنها ما روي أن امرأة عرضت نفسها على رسول الله -عليه السلام- فلم ير فيها رغبة فقال: «مَالي حَاجَة إلى النِّسَاء» فقالت: زوّجني من شئت فقام رجل فقال زوّجها منّي فقال: «ماذا تُصْدِقُهَا؟ فقال: إزاري هذا فقال: «إذًا قَعَدْتَ، وَلَا إزَارَ لَك الْتَمِسْ، وَلَوْ بِفَلْسٍ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» (٥) ولأنّه قوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (٦) مطلق (٧) فيقيد ذلك المال بالعشرة يكون زيادة على النصّ ولا يجوز ذلك بالخبر الواحد (٨).


(١) سبق تخريجه (ص ١٦٥).
(٢) سبق تخريجه (ص ١٦٥).
(٣) قال الترمذي رحمه الله: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: "لَا قَطْعَ إِلَّا فِي دِينَارٍ، أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ"، وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ، رَوَاهُ القَاسِمُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَالقَاسِمُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الكُوفَةِ، قَالُوا: لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ. وَرُوِي عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: "لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ". وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ. رواه الترمذي في كتاب ابواب الحدود باب ما جاء في كم تقطع يد السارق (٤/ ٥٠) برقم (١٤٤٦)، والجزء الثاني "ولَا مَهْرَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَة دَرَاهِم" سبق تخريجه.
(٤) رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٤٩٢)، نصب الراية (٣/ ٢٠٣)، البيهقي (٧/ ٢٣٨)، وابن الأثير في "أسد الغابة" (٦/ ٢٦٧) من هذا الطريق وكذا ذكره ابن عبدالبر في "الاستيعاب (٤/ ٣٠٥)، والذهبي في "المهذب" (١١٣٥٩)، والحافظ في "الإصابة" (٤/ ١٦٩) والهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٨١) وعزياه لأبي يعلى، ورواه أبو يعلى في "مسنده" (٩٤٣)، وابن أبي شيبة (٧/ ٢٨٨ - ٢٨٩) (٣٦١٥٦) من طريق ابن أبي لبيبة عن جده، وكذا هو في "المطالب" (١٥٦٩)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (٣٢٨١)، قال الطحاوي في "أحكام القرآن" كما في "الجوهر النقي": هذا الإسناد لا يقطع به أهل الرواية اهـ. وقال ابن عبد في "الاستغناء" (١/ ٢٠٨): إسناده ليس بالقوي. اهـ. وقال الذهبي في "المهذب" (١١٣٥٩): يحيى واهٍ. اهـ.، وقال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٨١): فيه يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، وهو ضعيف. اهـ.
(٥) رواه البخاري كتاب النكاح باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح (٧/ ١٣) برقم (٥١٢١)، ومسلم كتاب النكاح باب الصداق وجواز … (٢/ ١٠٤٠) برقم (١٤٢٥).
(٦) سورة النساء من الآية: ٢٤.
(٧) المطلق، فهو الدال على شيء معين باعتبار حقيقة شاملة لجنسه، وهو النكرة في سياق الإثبات. المطلع على ألفاظ المقنع (ص ٤٨٠).
(٨) ينظر: الاختيار لتعليل المختار (٣/ ١٠١).