للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولو كان المهر كلّه مؤجّلاً [ليس لها ان تمنع نفسها وفي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ-رحمه الله- ولو كان المهر مؤجلاً] (١) لم يكن لها أن تحبس نفسها لاستيفاء المهر [لا] (٢) قبل حلول الأجل ولا بعده في ظاهر الرّواية أمّا قبل حلول الأجل فظاهر.

وكذلك بعده لأن هذا العقد ما أوجب لها حق الحبس فلا يثبت بعده وكذا لو كان بعضه عاجلاً وبعضه آجلاً فاستوفت العاجل وكذا لو أجلته بعد العقد مدّة معلومة ليس لها أن تحبس نفسها.

وعلى قول أبي يوسف -رحمه الله- لها أن تحبس نفسها في جميع هذه الفصول إذا لم يكن دخل بها لأنّ موجب النكاح عند الطّلاق تسليم المهر أولاً عيناً كان أو دينًا فحين قبل الزوج الأجل مع علمه بموجب العقد فقد رضي بتأخير حقّه إلى أن يوفى المهر بعد حلول الأجل وبه فارق البيع لأنّ تسليم الثمن أولاً ليس من موجبات البيع لا محالة.

ألا ترى أنّ البيع لو كان مقايضة لا يجب تسليم أحد البدلين أولا فلم يكن المشتري راضياً بتأخر حقّه في البيع إلى أن يوفي الثّمن وجعل للفتوى على قول أبي يوسف في فتاوى الإمام الولوالجي-رحمهما الله - وقال رجل تزوّج امرأة على ألف درهم إلى سنة فأراد الزّوج الدّخول قبل السنة قبل أن يعطيها شيئاً إن شرط الزّوج في العقد أن يدخل بها قبل السنة جاز وإن لم يشترط في العقد أن يدخل بها قبل السنة.

قال مُحَمَّد -رحمه الله- كذلك الجواب كالبيع والجامع بينهما أن بالتأجيل تأخر حق البائع في المطالبة بالثّمن فلا يثبت له حق حبس المبيع فكذا هنا تأخّر حقّها بالمطالبة بالمهر فلا يثبت لها حبس نفسها وقال أَبُو يُوسُف -رحمه الله- القياس أن يكون للزّوج ذلك كالبيع لكن في الاستحسان ليس له ذلك.

بخلاف البيع لأنّ هذا أمر فاحش وبهذا نفتي؛ لأنّه حسن وفي ديارنا كلّ المهر إذا كان مؤجلاً والدّخول غير مشروط لم يكن له أن يبني بها على قول أبي يوسف - رحمه الله- استحساناً وأمّا إذا كان بعضه معجلاً فأدى المعجل فله أن يبني بها لأنّ الدّخول عند أداء المعجل مشروط عرفاً فصار كما لو كان مشروطًا نصاً وإن دخل بها فكذلك الجواب عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أي للمرأة أن تمنع [نفسها] (٣) حتى تأخذ المهر وعندهما ليس لها ذلك فينبني على هذا أي على هذا الاختلاف استحقاق النفقة في حال منع نفسها بهذا السّبب فعند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- تجب النّفقة لها؛ لأنّ المنع بحق فلا تكون ناشزة ظالمة فتجب النّفقة وصار المهر مقابلاً بالكل كالعبد إذا جنى جناية إلى آخره وكذلك المدبّر في استحقاق قيمته وإذا كان كذلك فلما حبست نفسها فقد حبست ما لم يصادفه التسليم منها في حقّه فكانت سبيل من ذلك.


(١) زيادة من (ب).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) زيادة من (ب).