للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله: -رحمه الله- بِاخْتِلَافِ الدَّارِ (١) أي البلد.

قوله: -رحمه الله- وَإِذا ضمن الْوَلِيّ الْمهْر صَحَّ ضَمَانه (٢)، وهذا اللّفظ بظاهره يحتمل أن يكون المراد منه ولي الصّغير بأن زوج ابنة الصّغير امرأة وضمن عنه المهر للمرأة ويحتمل أن يكون المراد منه ولي الابنة الكبيرة ثم بقوله فيما بعده ثم المرأة بالخيار في مطالبتها زوجها أو وليّها يعلم أنّ المراد به الثّاني لكن الحكم وهو صحّة الضّمان لا يتفاوت بين الصّورتين لما أنّه ذكر في التتمة الأب إذا زوج ابنه الصّغير امرأة وضمن عنه المهر وأدى كان متطوّعًا استحساناً إلا إذا شهد عند الأداء أنّه أدى ليرجع.

فحينئذ لا يكون متطوّعًا ويرجع في ماله ولكن ذكر في باب الوليمة من شرح الطّحاوي (٣) الأب إذا زوج الصّغير امرأة فللمرأة أن تطالب بالمهر من أب الزّوج فيؤدّي الأب من مال ابنه الصّغير وإن لم يضمن الاب باللّفظ صريحًا بخلاف الوكيل إذا زوج فإنّه ليس للمرأة أن تطالب الوكيل بالمهر ما لم يضمن وقد أضافه إلى ما يقبله أي أضاف الضمان إلى شيء يقبل الضّمان وهو المهر لأنّ المهر دين والكفالة والضمان يصحّان في الدّين ويصحّ إبراءه عند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد -رحمهما الله- أي إبراء الأب المشتري وكذلك الوصي وهذا إذا أجلا أو إبراء ما هو واجب للصبي بعقدهما وأمّا إذا لم يكن واجباً بعقدهما لا يجوز بالإجماع كذا في أحكام الصّفار للإمام الاستروشني-رحمه الله- (٤)، ويملك قبضه بعد بلوغه أي ويملك الأب قبض الثّمن بعد بلوغ الصّغير وولاية قبض المهر للأب هذا جواب سؤال مقدر بأن يقال أنّ الأب يملك قبض الصّداق أيضاً كالوكيل يملك قبض الثمن فلو صحّ الضّمان يصير ضامنًا لنفسه وذا لا يجوز هناك فكذا في الأب.

فأجاب عنه بما ذكر في الكتاب وللمرأة أن تمنع نفسها حتّى تأخذ المهر كان هذا في عرفهم أمّا إذا كان في موضع يعجل البعض ويترك الباقي في الذمّة إلى وقت الطّلاق أو الموت كما هو عرف ديارنا كان لها أن تحبس نفسها بالاستيفاء المعجّل وهو الذي يقال بالفارسيّة دستبيمان وليس لها أن تطالبه ببقية المهر المؤجّل الذي يقال له كابين كردني فإن بينوا قدر المعجّل يعجل ذلك وإن لم يبينوا شيئاً ينظر إلى المرأة وإلى المهر المذكور في العقد أنّه كم يكون المعجّل بمثل هذه المرأة من مثل هذا المهر فيعجل ذلك معجّلاً ولا يقدر بالرّبع ولا بالخمس وإنما ينظر إلى المتعارف لأنّ الثّابت عرفاً كالثّابت شرطًا وإن شرطا تعجيل الكل في العقد فهو كما شرطا ووجب تعجيل الكلّ إذ لا يعتبر لدلالة العرف إذا جاء الصّريح بخلافها كذا في المحيط (٥)، وفتاوى قاضي خان-رحمه الله- وغيرهما وصار كالبيع يعني للبائع أن يحبس المبيع حتّى يأخذ الثّمن فكذلك للمرأة أن تمنع نفسها حتى تأخذ المهر لكن على اختيار المتأخّرين حتّى تأخذ المعجّل من المهر ليس للزّوج أن يمنعها من السّفر فإنّه لو تزوّج امرأة بمهر معجل كان لها أن تخرج في حوائجها ما لم تقبض مهرها وكذا لو كان البعض معجّلاً كان لها أن تخرج قبل أداء المعجلّ وبعد أداء المعجّل ليس لها أن تخرج إلا بإذن الزّوج.


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٥٠٢).
(٢) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ٦٣).
(٣) يُنْظَر: شرح الطّحاوي (٤/ ٤٣٥).
(٤) الأستروشني: هو مُحَمَّد بن محمود بن حسين مجد الدين، الأستروشني؛ بِضَم الْألف وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَضم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وفى آخرهَا النُّون نِسْبَة على استروشنه بَلْدَة كَبِيرَة وَرَاء سَمَرْقَنْد، مات سنة (٦٣٢ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٢٨٢)، تاج التراجم (١/ ٢٧٩)، الفوائدالبهية (١/ ٢٠٠).
(٥) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ١٠٠).