للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله: -رحمه الله- معناه إشارة إلى قوله الْمهْر فِي الْوَجْهَيْنِ (١) أي فيما إذا سمّى وفيما إذا لم يسمّ وأمّا الثّاني فوجه قولهما إلى آخره فقولهما قياس وقول أَبِي حَنِيفَةَ-رحمه الله- استحسان ولقول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- طريقان: أحدهما: هو ما استدلّ به أبو حنيفة في الكتاب وقال: أرأيت لو ادّعى ورثة علي -رضي الله عنه-[على ورثة عمر]-رضي الله عنه- (٢) مهر أم كلثوم أكنت أقضى فيه بشيء.

وهذا إشارة إلى أنّه انما يقول بهذا بعد تقادم العهد لأنّ مهر المثل يختلف باختلاف الأوقات فإذا تقادم العهد وانقرض أهل ذلك العصر يتعذّر على القاضي الوقوف على مقدار مهر المثل وعلى هذا الطّريق إذا لم يكن العهد متقادمًا بأن لم يختلف مهر مثل هذه المرأة يقضي بمهر مثلها والطّريق الآخر يقتضي سقوطه وإن لم يتقادم وهو أنّ المستحق بالنكاح ثلاثة أشياء المسمّى وهو الأقوى والنّفقة وهي الأضعف ومهر المثل وهو متوسّط على ما قدّرنا فالمسمّى لقوته لا يسقط لا بموت أحدهما ولا بموتهما والنّفقة لضعفها تسقط بموتهما وبموت أحدهما ومهر المثل يتردّد بين ذلك فيسقط بموتهما ولا يسقط بموت أحدهما لانّ ما تردد بين أصلين يوفر حظّه عليهما.

ألا ترى أنّ الصّحابة -رضي الله عنهم- اختلفوا أن مهر المثل هل يسقط بموت أحدهما فيكون ذلك اتفاقاً منهم أنّه يسقط بموتهما كذا في الْمَبْسُوطِ (٣)، والمراد منه ما يكون مهيئاً للأكل نحو الحلواء والمشوي وطبق فاكهة مما لا يعطى من المهر عادة بل يتعارف هديه فلا يصدق على خلافه وكذا هذا في جميع قضاء الدّيون.

وأمّا لو بعث إليها طعاماً أو دقيقاً أو لوزًا أو عسلاً أو سمنًا وقال هو من المهر فالقول له كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله-.

قوله: -رحمه الله- فالقول له أي مع اليمين كذا في الذّخيرة (٤) ثم قال فإن حلف والمتاع قائم فللمرأة أن تردّ وترجع بما بقي من المهر، فإن كان هالكًا لا يرجع بالمهر.

وأمّا الذي بعث أبو المرأة إن كان هالكًا لم يكن على الزّوج شيء وإن كان قائمًا وقد بعثه الأب من مال نفسه فله أن يرجع فيه لأنّ الواهب في هذه الصّورة الأب وإن كان بعثه من مال البنت برضاها لم يكن له أن يرجع [فيه] (٥) لأنّ الواهب في هذه الصّورة البنت وقد وهبت من زوجها وفي فتاوى أهل سمرقند (٦): رجل تزوج امرأة وبعث إليها هدايا وعوّضته المرأة على ذلك عوضاً ثم زفت إليه ثم فارقها وقال إنما بعثت إليك عاريّه فأراد أن يسترد ذلك وأرادت المرأة أن تسترد العوض فالقول له في الحكم لأنّه أنكر التّمليك وإذا استرد ذلك من المرأة كان للمرأة أن تسترد منه ما عوضته عليه.


(١) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ٦٤).
(٢) ساقط من (ب).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٦٧).
(٤) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ١٠٨).
(٥) ساقط من (ب).
(٦) بلد معروف مشهور قيل: إنه من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر، وهو قصبة الصغد مبنية على جنوبي وادي الصغد مرتفعة عليه. قال أبو عون: سمرقند في الأقليم الرابع طولها تسع وثمانون درجة ونصف وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف، وقال الأزهري: بناها شمر أبو كرب، فسميت شمر كنت فأعربت فقيل سمرقند هكذا تلفظ به العرب في كلامها وأشعارها. يُنْظَر: معجم البلدان (٣/ ٢٤٦).