للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسن (١): المفروض أكثر الرأس، فاستدل مالك بفعل رسول الله -عليه السلام- فإنه مسح بيديه كلتيهما أقبل بهما وأدبر (٢)، وبه استدل الحسن إلا أنه قال: الأكثر يقوم مقام الكل.

ولكنا نقول: إن فعل رسول الله -عليه السلام- لا يدل على الركنية لأدائه إلى زيادة النص، وإنما كان ذلك لإكمال الفضيلة، ولا يجوز اعتبار الممسوح بالمغسول؛ لأن المسح بني على التخفيف، وفي كتاب الله تعالى ما يدل على التبعيض في المسح [لاتصال] (٣) الفعل إلى [محل] (٤) المسح بحرف الباء.

وعن هذا قال الشافعي: يتأدى بأدنى ما يتناوله الاسم قيل: هو ثلاث شعرات؛ لأنه هو المتيقن، [ولكنا] (٥) نقول: من مسح برأسه ثلاث شعرات لا يقال إنه مسح برأسه عادةً، وفي الآية ما يدل على البعض وذلك البعض ليس هذا الذي يقول لا بآية الاستعمال (٦) فبقي ذلك البعض مجملاً فالتحق فعل النبي -عليه السلام- بيانًا له.

وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: قَدَّرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِثَلاثِ أَصَابِعَ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ لأنَّهَا أَكْثَرُ مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي آلَةِ الْمَسْحِ.

-قوله: (وفي بعض الروايات قدّره أصحابنا بثلاثة أصابع). وهو رواية عن محمد (٧) ذكرها ابن رستم في نوادره (٨)، أنه إذا وضع ثلاثة أصابع ولم يمدها جاز في قول محمد في الرأس والخف جميعًا، وهو الذي ذكرنا من أحد قولي أصحابنا، ولم يجز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- حتى يمدها [بقدر] (٩) ما يصيب البلة ربع رأسه، وهو القول الخامس من الأقوال الخمسة فهما اعتبرا الممسوح عليه، ومحمد اعتبر [للممسوح] (١٠) به، وهو [الآلة] (١١)، وهو عشر أصابع ربعها أصبعان ونصف، إلا أن الإصبع الواحدة لا تتجزأ فجعل الفروض قدر ثلاثة أصابع لهذا.


(١) أي: الحسن بن زياد:.
(٢) استدل مالك: بحديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أنه سأل عن وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدعا بتور من ماء، فتوضأ لهم وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأكفأ على يده من التور، فغسل يديه ثلاثا، ثم أدخل يده في التور، فمضمض. واستنشق. واستنثر، ثلاثا، بثلاث غرفات، ثم أدخل يده في التور، فغسل وجهه ثلاثا، ويديه إلى المرفقين مرتين، ثم أدخل يده في التور فمسح رأسه، فأقبل بهما، وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه. رواه البخاري في صحيحه (١/ ٥١) -كِتَاب الْوُضُوءِ-باب الوضوء من التور-، ومسلم في صحيحه (١/ ١٤٤) -كِتَاب الطَّهَارَةِ-باب في وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم-.
(٣) في (أ) «لإيصال» والتصويب من (ب).
(٤) ساقطة من (أ) والتثبيت من (ب).
(٥) في (أ) «وكنا» والتصويب من (ب).
(٦) وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦].
(٧) هو الإمام محمد بن الحسن الشيباني صاحب الإمام أبي حنيفة (ت ١٨٩ هـ) انظر: كشف الظنون (٢/ ١٢٦).
(٨) انظر: كتاب النوادر، لأبي بكر إبراهيم بن رستم المروزي (ت ٢٠١ هـ) انظر: كشف الظنون (٢/ ١٢٨٢).
(٩) في (أ) «بعد» والتصويب من (ب).
(١٠) في (ب) «الممسوح».
(١١) في (ب) «الأكثر».