للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أن من قال لصغير له أم معروفة هذا ولدي ثم جاء أمّة بعد موت المدّعي وصدقته وادّعت ميراثها منه بالنكاح فإنّه يقضي لها بالميراث ولاشك أنّ ثبوت النكاح ههنا لضرورة ثبوت النّسب منه مقتضى ثم ظهر أثر ذلك النكاح في استحقاق الميراث والميراث أمر وراء صحّة النسب.

ولكن من حيث الظاهر أنّ النكاح أينما ثبت ثبت موجباً للميراث مع أن النكاح متصور في الجملة أن لا يكون موجباً للإرث كما إذا تزوّج المسلم كتابيّة فلأن يثبت فساد النكاح ههنا لما أنّه لم يوجد الملك غير مفسد للنكاح في صورة ما بالطّريق الأولى.

وأمّا الجواب عن الثّاني ففيه منع وتسليم أمّا المنع فهو أنّه لا نسلّم أنّ الملك يثبت للوكيل ثم يثبت للموكّل فإنّ المشايخ اختلفوا فيه والأصحّ أنّه يثبت للموكل ابتداء وهو اختيار شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وأبي طاهر الدبّاس (١) -رحمهما الله- كذا ذكره في وكالة التتمة.

فحينئذ لا يتجه علينا نقضًا وأمّا التّسليم فهو أنّا سلّمنا أنّه يثبت الملك للوكيل أولاً ثم ينتقل إلى الموكّل ولكن الفرق بينهما هو أن الملك متى ثبت في المحل على هذا الوجه إن تعلّق به حق غيره زمان الثبوت لا يفسد به النكاح وإن لم يتعلّق به حق غيره يفسد وفيما نحن فيه لم يتعلّق به حق غيره وفي شرى الوكيل منكوحته قد تعلّق به حق غيره وهو الموكّل فلا يفسد به النكاح بعض هذا مذكور في (الفوائد الظهيريّة) لأنّه تقدم التّمليك بغير عوض لأنّه لما جاز سقوط القبول وهو الركن في المسألة الأولى فلأن يسقط القبض وهو شرط تمام الهبة في هذه المسألة أولى لما أن مرتبة الشّرط دون مرتبة الرّكن كما إذا كان عليه كفارة ظهار فأمر غيره أن يطعم عنه بأن قال لآخر اطعم عني عن كفارة يميني عشرة مساكين بعشرة دراهم فأطعم عنه تسقط عنه الكفارة ولا يفصل بين ما إذا كان الطّلب بعوض أو بغير عوض لما أن كلام العاقل يجب تصحيحه ما أمكن وقد أمكن تصحيحه ههنا بأن يتضمن إعتاقه عنها ثبوت الملك سابقاً عليه كما إذا كان يبدل كذا في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٢) لأبي اليسر (٣) -رحمه الله-[قوله] (٤): لأنّه فعل حسي أي لما كان فعلاً حسيًّا لا يتضمّنه القول أي لا يمكن أن يقال أنّ الإعتاق يتضمن القبض لأن هذا قول والقول لا يتضمّن الفعل أمّا الفعل يتضمّن القول إلا أن قول أبي يوسف -رحمه الله- أظهر كذا في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٥) لأبي اليسر وفي تلك المسألة الفقير ينوب عن الآمر في القبض كالفقير في باب الزكاة ينوب قبضه عن الله تعالى ثم يصير قابضاً لنفسه أمّا العبد فلا يقع في يده شيء لأن الإعتاق إتلاف للملك.


(١) أبو طاهر الدبّاس: هو مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سفيان أبو طاهر الدباس. كان إمام أهل الرأى بالعراق وكان من أهل السنة والجماعة وكان من أقران عبدالله الكرخى كان يوصف بالحفظ ومعرفة الروايات.
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ١١٧)، تاج التراجم (١/ ٣٣٦).
(٢) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ٢٢٣).
(٣) أبو اليسر: هو مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحسين بن عبدالكريم، أَبو اليسر، صدر الإسلام الْبَزْدَوِيّ: فقيه بخاريّ، ولي القضاء بسمرقند. انتهت إليه رياسة الحنفية في ما وراء النهر. ولد سنة (٤٢١ هـ)، ومات سنة (٤٩٣ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٢٧٠)، الأعلام (٧/ ٢٢).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ٢٢٣).