للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الشّافعي -رحمه الله- القرعة (١) مستحبة والكلام هاهنا في فصلين أحدهما أن يسافر بايهن شاء من غير إقراع بينهما عندنا وعند الشافعي –رحمه الله- (٢) ليس له ذلك إلا أنّ يقرع بينهما والثّاني أنّه إذا سافر ببعضهن بغير إقراع ليس للباقيات بعد الرّجوع الاحتساب عليه بتلك المدّة عندنا.

وقال الشّافعي -رحمه الله- (٣) إن سافر ببعضهن بغير إقراع فذلك محسوب عليه في حقّ الأخرى وهذا الفصل بناء على الفصل الأوّل لأنّ الإقراع مستحق عنده فإذا لم يفعل ذلك كانت مدّة سفره نوبة التي كانت معه فينبغي أن يكون عند الأخرى مثل ذلك لتحقّق العدل ولكنّا نقول وجوب التّسوية في وقت استحقاق القسم عليه [وهو مذكور في الكتاب وهو قوله: الا ترى انّ له ان لايستصحب واحدة منهن فكذا له ان يسافر بواحدة منهن] (٤)، وقد بيّنا أنّه لا حق للمرأة في القسم في حال سفر الزّوج فلا يلزمه مراعاة [النسوة] (٥) باعتبار تلك المدّة ألا ترى أن في حال الحضر لا فرق بين أن تكون البداية بإقراع أو غير إقراع.

فكذلك في السّفر ولو أقام عند أحديهما شهراً أي في غير حالة السّفر ثم خاصمته الأخرى في ذلك قضى عليه أن يستقبل العدل بينهما وما مضى فهو هدر غير أنه فيه إثم لأنّ القسمة تكون بعد الطّلب من كلّ واحد منهما فما مضى قبل الطّلب ليس من القسمة في شيء والواجب عليه العدل في القسمة فإن عاد للجور بعدما نهاه القاضي أوجعه عقوبة وأمره بالعدل لأنّه أساء الأدب فيما صنع وارتكب ما هو حرام عليه وهو الجور فيعزّر في ذلك ويؤمر بالعدل ولو أنّ عند الرجل امرأة فقد خلت في سنها أي كبرت فأراد أن يستبدل بها شابه فطلبت أن يمسكها ويتزوّج الأخرى ويقيم عند التي يتزوج أيامًا ويقيم عندها يومًا فتزوّج على هذا الشّرط كان جائزًا لا بأس به لقوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا} (٦) قال علي -رضي الله عنه-: إنّما نزلت الآية في هذا وإذا كان للرجل امرأة واحدة وكان يقوم باللّيل ويصوم بالنّهار فاستعدت عليه امرأته [واستعدى فلان الأمير على من ظلمه اي استعان به فأعداه عليه اي اعانه عليه ونصره، المغرب (٧) (٨) فإنّه يؤمر بأن يبيت معها وأن يفطر لها بلغنا عن عمر -رضي الله عنه- انّه قال لكعب بن سؤر [سور المدينة معروف وبه سمّي والد كعب بن سؤر الأزدي والشين تصحيف، المغرب (٩) (١٠) اقض بينهما فقال: أراها إحدى نسائه الأربع له ثلاثة أيّام ولياليهنّ ولها يوم وليلة.


(١) القُرعة السُّهْمَة. اقْتَرَع الْقَوْم وتَقارَعُوا وقارَعْتُ بَينهم وأَقْرَعْتُ وقارَعْتُ فُلاناً فقَرَعْتُه أَقْرَعُه: أَي أَصَابَته القُرْعة دوني. انظر: المخصص، لابن سيده (٤/ ١٨).
(٢) يُنْظَر: الأم (٥/ ١١٩).
(٣) يُنْظَر: الأم (٥/ ١٢٠).
(٤) هامش في (ب).
(٥) وفي (ب): (التسوية).
(٦) سورة النساء من الآية: ١٢٨.
(٧) يُنْظَر: المعرب (١/ ٢٣٩).
(٨) هامش في (ب).
(٩) يُنْظَر: المعرب (١/ ٢٣٩).
(١٠) هامش في (ب).