للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم وقت الاستياك هو وقت المضمضة؛ لأنه ذكر في «مبسوط شيخ الإسلام» (١): ومن السنة حالة المضمضة أن يستاك.

-قوله: (لأن النبي -عليه السلام- فعلهما على المواظبة) (٢) ولا يقال: المواظبة تدل على الوجوب حتى قال أهل الحديث: هما فرضان في غسل الجنابة والوضوء استدلالاً بالمواظبة؛ «لأنا نقول: فإنه -عليه السلام- كان يواظب في العبادات على ما فيه تحصيل/ ٢/ ب/ الكمال كما كان يواظب على الأركان. وفي كتاب الله تعالى أمرٌ بتطهير أعضاء مخصوصة؛ والزيادة على النص لا تجوز إلا بما يثبت به النسخ، وعلّم رسول الله -عليه السلام- الأعرابي الوضوء ولم يذكرهما فيه (٣) مع أن ابن عباس -رضي الله عنهما- صرح بقوله: هما فرضَانِ في الجنابة سنَّتَان في الوضُوء» كذا في «المبسوط» (٤).

وكيفيته: أن يتمضمض إلى آخره، وإنما فسر كيفيتها نفيًا لقول الشافعي؛ «فإن غيره الأفضل أن يتمضمض ويستنشق بكفٍّ بماء واحد؛ لما روي أن النبي -عليه السلام- كان يتَمَضْمَضُ ويَسْتَنْشِقُ بِكَفٍّ وَاحِدٍ

وله عندنا تأويلان:

أحدهما: أنه لم يستعن في المضمضة والاستنشاق باليدين كما فعل في غسل الوجه.

والثاني: [أنه] (٥) فعلهما باليد اليمنى ردًّا على قول من يقول: يستعمل في الاستنشاق اليد اليسرى؛ لأن الأنف [موضع الأذى] (٦) كموضع الاستنجاء»، كذا في «المبسوط» (٧).

خِلافًا لِلشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ -عَلَيْه الصَّلاة والسَّلام-: «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» وَالْمُرَادُ بَيَانُ الْحُكْمِ دُونَ الْخِلْقَةِ.

-قوله: (خلافًا للشافعي) يتعلق بقوله: بماء الرأس، لا بقوله: وهو سنة؛ فإن عنده مسح الأذنين سنة أيضًا، ولكن بماءٍ جديد (٨).


(١) لم أجد ذلك في مبسوط شيخ الإسلام ولا في مبسوط السرخسي.
(٢) يقصد المضمضة والاستنشاق.
(٣) رواه البيهقي (١/ ٧٩) باب كراهية الزيادة على الثلاث، ورواه أبو داود (١/ ٢٢٢) باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، قال الألباني: إسناده حسن صحيح وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه صحيح أبي داود (١/ ٢٢٢).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٦٢) باب الوضوء والغسل.
(٥) في (ب): «أن».
(٦) ساقطة من (ب).
(٧) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٦) باب كيفية الوضوء.
(٨) مذهب الحنفية: أن الأذنين من الرأس، ويُسن مسحهما مع الرأس بماء واحدٍ مرة واحدة، انظر: مختصر الطحاوي ص (١٨)، المبسوط (١/ ٦٤، ٦٥)، تحفة الفقهاء (١/ ١٤)، بدائع الصنائع (١/ ٢٣)، شرح فتح القدير (١/ ٢٧، ٢٨)، ومذهب الشافعية: أن الأذنين ليسا من الرأس، ويُسن مسح ظاهرهما وباطنهما بماء جديد ثلاثاً، انظر: حلية العلماء (١/ ١٢٥، ١٢٦)، الوسيط في المذهب (١/ ٢٨٨)، روضة الطالبين (١/ ٦١)، المجموع (١/ ٤١٠ - ٤١٦).