للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي «المبسوط» ولأنّه قابل الطّلاق بالعدّة، والمقابلة تقتضي التّسوية وبالاتّفاق في العدّة يعتبر حالها، فكذلك في الطّلاق، ومن ملك على امرأته عددًا من الطّلاق بملك إيقاعها أوقات السنة وبهذا أفحم عيسى بن أبان (١) الشّافعي-رحمه الله- فقال: أيها الفقيه إذا ملك الحرّ على امرأته الأمة ثلاث تطليقات، كيف يطلقها في أوقات السنّة؟ فقال: يوقع عليها واحدة، فإذا حاضت وطهرت أوقع أخرى، فلما أراد أن يقول: فإذا حاضت وطهرت، قال: حَسْبُكفإنّعِدَّتُهَاقَدْ انْقَضَتْ، فَلَمَّا تَحَيَّرَ رَجَعَ فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْجَمْعِ بِدْعَةٌ وَلَا فِي التَّفْرِيقِ سُنَّةٌ (٢).

والمعنى أيضاً دليلنا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ الْحُرُّ عَلَى النِّسَاءِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ عُقْدَةً [٣٢٥/ أ] فإنّه يتزوج أربع نسوة، ويملك على كلّ واحدة ثلاث عقد، فينبغي أن يملك العبد نصف ذلك وذلك ستّ عقد بأن يتزوّج حرّتين فيملك على كلّ واحد منهما ثلاث عقد كما هو مذهبنا (٣)، وذكر في «الأسرار» بعد هذا وعندك لا يملك إلا أربعًا والعبد لا يملك على الأمتين إلا أربعًا فوجب أن لا يملك الحر عليهن إذا كن إماء إلا ضعفها ثمانياً، وهذا مذهبنا.

وتأويل ما روي وهو قول الطّلاق بالرجال، قيل: أنه كلام زيد (٤)، لا يثبت مرفوعًا إلى رسول الله -عليه السلام- (٥)، وقيل: معناه إيقاع الطّلاق بالرجال:


(١) عيسى بن أبان بن صدقة، أبو موسى، صحب محمد بن الحسن الشيباني وتفقه به، واستخلفه يحيى بن أكثم على القضاء بعسكر المهدي، ثم تولى عيسى القضاء بالبصرة روى عن هشيم ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومحمد بن الحسن، روى عنه الحسن بن سلام السواقله كتب، منها: "إثبات القياس"، و"اجتهاد الرأي"، توفي سنة إحدى وعشرين ومائتين. انظر: تاريخ بغداد وذيوله (١١/ ١٥٨)، والأعلام للزركلي (٥/ ١٠٠)، وتاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: ٢٢٧).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٤٠)، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٢٦٩).
(٣) المبسوط للسرخسي (٦/ ٤٠).
(٤) زيد بن ثابت بن الضّحاك الأنصاريّ الخزرجيّ، كتب الوحي للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، كان زيد من علماء الصحابة، هو الّذي جمع القرآن في عهد أبي بكر، وأجَازَهُ عَامَ الْخَنْدَقِ، وَكَانَ حَبْرَ الْأُمَّةِ عِلْمًا وَفِقْهًا وَفَرَائِضَ، مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ. توفي سنه خمس وأربعين. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (٢/ ٤٩٢)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (٣/ ١١٥١).
(٥) سبق تخرجه.