للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولو قال أنت طالق ما لم أطلقك) إلى آخره، ههنا ثلاث مسائل في ثنتين على الاتفاق (١)، وفي واحدة على الاختلاف، ثم كلمها ومتى ونيتهما في هذه المسائل للوقت بالاتفاق (٢)، فمتى سكت عن هذا القول، فقد وجد شرط وقوع الطّلاق فيقع، وكلمة أن في قوله: (إن لم أطلقك) للشّرط بالاتّفاق (٣)، فلذلك لم يجز قرانها بما يتيقن وجوده إذا كان يعرف وقت وجوده، فكان شرط وقوع الطّلاق عليها عدم التّطليق، ومادام في الإحياء يتوقع منه التّطليق، ثم البرّ في هذه المسألة للتطليق والحنث عدم التّطليق، كَمَا فِي قَوْلِهِ: إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ، أي:] قال: أنت طالق إن لم آت البصرة (٤)، فإنّه لا يقع الطّلاق حتّى يقع] اليأس (٥) عن الإتيان،] فإذا انتهى إلى الموت فقد وقع اليأس (٦)، فوجد الشرط والمحل قايد والملك باق فوقع.

فكذلك ههنا موتها بمنزلة موته، أي: يقع الطّلاق قبل موتها أيضاً.

قوله -رحمه الله-: هو الصحيح احتراز عن رواية النّوادر، فإنّه قال في النّوادر: لا يقع الطّلاق بموتها (٧)؛ لأنّ الزّوج قادر على الإيقاع، كما إذا قال: إن لم أدخل الدّار فأنت طالق، يقع الطّلاق بموته، ولم يقع بموتها؛ لأن بعد موتها يمكن دخول الدّار فلا يتحقق الياس، فلا يقع (٨)، وفي «المبسوط»: ثم إن مات الزّوج وقع الطّلاق عليها قبل موته تقليل، وليس لذلك القليل حدّ معروف، ولكن قبيل موته يتحقّق عجزه عن إيقاع الطّلاق عليها فيتحقّق شرط الحنث، فإن كان لم يدخل بها فلا ميراث لها، وإن كان قد دخل بها فلها الميراث بحكم القرار حين يقع الثّلاث عليها بإيقاعه قبيل موته بلا فصل، وإن ماتت المرأة وقع الطّلاق أيضاً قبيل موته، وفي النّوادر يقول: لا يقع؛ لأنّه قادر على أن يطلقها ما لم يمت، فإنّما عجز بموتها فلو وقع الطّلاق لوقع بعد الموت] فيوجد الشّرط عند انقضاء محلّ الطلاق (٩)، وهو نظير قوله: إن لم آت البصرة، وجه ظاهر الرّواية أنّ الإيقاع من حكمه الوقوع، وقد تحقّق العجز عن إيقاعه قبيل موتها] لأنّه لا يعقبه الوقوع، كما لو قال: أنت طالق مع موتك، فيقع الطّلاق قبيل موتها (١٠) بلا فصل ولا ميراث للزّوج؛ لأنّ الفرقة وقعت بينهما قبل موتها بإيقاع الطّلاق عليها، ثم الفرق بين رواية مسألة الكتاب وبين قوله: أنت طالق إن لم آت البصرة؛ حيث لا يقع الطّلاق بموتها (١١).


(١) ينظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٣٢٦).
(٢) يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٣/ ١٣٣)، والبناية شرح الهداية (٥/ ٣٢٥).
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٣٢٦).
(٤) سقط من (ب).
(٥) في (أ) "الناس"، والصحيح ما اثبتنا لموافقة السياق، وكما جاء في بعض الشروح والله أعلم. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (٤/ ٣١).
(٦) سقط من (ب).
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٣١).
(٨) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (٥/ ٣٢٦)، والعناية شرح الهداية (٤/ ٣١).
(٩) سقط من (ب).
(١٠) سقط من (ب).
(١١) المبسوط للسرخسي (٦/ ١١١).