للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروي عن النبي -عليه السلام- أنّه عدّ الشّهر وقال: «هكذا أو هكذا وهكذا»، نشر الأصابع كلّها في كلّ مرة، ثم قال: «مرة الشّهر هكذا وهكذا وهكذا» (١)، وجنّس إبهامه في المرّة الثّالثة وكان مراده -عليه السلام- من ذلك بيان أنّ الشّهر قد يكون ثلاثين، وقد يكون تسعة وعشرين، والقول كما يكون باللّسان فكذلك الجوارح.

قال الشاعر:

فقالت بطرف العين خيفة أهلها … إشارة مذعور ولم تتكلم (٢)

واعلم بأنّه لا فرق بين الإشارة بالأصابع التي اعتاد النّاس الإشارة بها وبين الأصابع الأخر - كذا في «الفوائد الظهيرية» (٣) -.

وقيل: إذا أشار بظهورها فبالمضمومة منها، يعني إذا جعل باطن الكف إليها، فأمّا إذا جعل ظهرالكف إليها وبطون الأصابع إلى نفسه لا يقع الا واحدة؛ لأنّ الظّاهر شاهد له، وأنّ العادة فيما بين النّاس الإشارة ببطون الأصابع إلى المخاطب لا إلى نفسه - كذا في «الجامع الصّغير» لقاضي خان (٤) -.

وقيل: إن] كان (٥) بطن كفه إلى السّماء فالعبرة للنشر، وإن كان إلى الأرض فالعبرة للضم، وقيل: إن كان نشراً عن ضم فالعبرة للنشر، وإن كان ضمًا عن نشر فالعبرة للضمّ -كذا ذكره الإمام التمرتاشي -، ولو لم يقل هكذا يقع واحدة يعني أشار بأصابعه، فقال: أنت طالق ولم يقل هكذا فهي واحدة؛ لأنّ الإشارة إنّما اعتبرت تفسيرًا إذا قربت بعدد مبهم،] ولم يوجد ههنا ذكر عدد مبهم (٦)، فبقي قوله: أنت طالق وهو لا يحتمل العدد؛ لأنّه نعت فرد فلا يقع إلا واحدة - كذا ذكره فخر الإسلام في «المبسوط» (٧) -.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الطلاق/ باب اللعان/ ٥٣٠٢)، ومسلم في صحيحه (كتاب الصيام/ بَابُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ/ ١٠٨٠).
(٢) وهذا البيت منسوب لعمر بن أَبى ربيعَة المخزومى. انظر: الحماسة البصرية (٢/ ١٤١).
(٣) يُنْظَر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٣٩٧)، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٣٠٩).
(٤) يُنْظَر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٣٩٧)، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٣٠٩).
(٥) زيادة في (ب).
(٦) سقط من (ب).
(٧) يُنْظَر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٣/ ٣٧٩)، والمحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٢٢٢).