للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعلم أنّ المرأة إذا اختارت نفسها بعدما قال لامرأته اختاري] يقع الطّلاق (١)، والقياس أن لا يقع عليها شيء وإن نوى الزّوج الطّلاق (٢)؛ لأنّ التفويض إليها إنّما يصحّ فيما يملك الزّوج مباشرته بنفسه، وهو لا يملك إيقاع الطّلاق عليها لهذا اللّفظ، حتّى لو قال: اخترتك من نفسي، أو اخترت نفسي منك، لا يقع شيء فلا يملك التّفويض إليها بهذا اللفظ - أيضاً - ولكنّا تركنا القياس لآثار الصحابة -رضي الله عنهم- (٣). روى عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عمروجابر وزيد وعائشة -رضي الله عنهم- أجمعين، قالوا في الرجل يخير امرأته: إن لها الخيار مادامت في مجلسها ذلك، فإذا قامت من مجلسها فلا خيار لها (٤)، وقد خيّر رسول الله -عليه السلام- نسائه حين نزل قوله تعالى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} (٥) (٦)، ثم كان القياس أن لا يبطل خيارها بالقيام عن المجلس؛ لأن التخيير من الزّوج مطلق والمطلق فيما يحتمل التأييد يتأيد.

ولكنّا تركنا هذا القياس بآثار الصحابة، ولأنّ الخيار الطّارئ لها على النّكاح من جهة الزّوج معتبر بالخيار الطّارئ شرعًا، وهو خيار المعتقة وذلك يتوقت بالمجلس، فكذا هذا لها الخيار ما بقيت في المجلس، وإن تطاول يومًا أو أكثر؛ لأنّ المجلس قد يطول ويقصر كذا في «المبسوط» (٧).


(١) سقط من (ب).
(٢) ذهب الحنفية إلى أنه لا تملك المرأة إيقاع الطلاق الثلاث دفعة واحدة، ويرى المالكية أن الطلاق الواقع بالتفويض عند اختيار الزوجة أو تطليقها نفسها هو الطلاق الثلاث، إذا كان التفويض بالتخيير، وقال الشافعية: طلقي نفسك ونوى ثلاثاً، فقالت: طلقت ونوتهن، وقد علمت نيته أو وقع العلم بنيته صدقة، فتقع الثلاث؛ لأن اللفظ يحتمل العدد والحنابلة قالوا ولا يطلق الوكيل أكثر من واحدة. انظر: البدائع (٣/ ١١٣)، مغني المحتاج (٣/ ٢٨٥)، الشرح الصغير (٢/ ٥٩٥)، والمغني (٧/ ٢١٢).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢١١).
(٤) روي في الآثار لأبي يوسف (باب الخيار/ ٦٣٩)، وفي سنن سعيد بن منصور (كتاب الطلاق/ ١٦٢٦).
(٥) [الأحزاب: ٢٨].
(٦) أخرجة البخاري في صحيحه كتاب تفسير القرآن بَابُ قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَاوَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا/ ٤٧٨٥)، وأخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الطلاق/ بَابُ بَيَانِ أَنَّ تَخْيِيرَ امْرَأَتِهِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إِلَّا بِالنِّيَّةِ/ ١١٠٣).
(٧) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢١١).