للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: والأصحّ من الرواية فهي واحدة لا تملك الرّجعة؛ لأنّ رواية «المبسوط» (١) والجامع الكبير (٢) والزيادات وعامة نسخ «الجامع الصّغير» (٣) هكذا سوى «الجامع الصّغير» لصدر الإسلام، فإنّه ذكر فيه مثل ما ذكره في الكتاب، والدّليل أيضاً يساعد لما ذكر في عامّة النّسخ (٤).

فإنّه ذكر في «الجامع الصّغير» (٥) لقاضي خان، أمّا وقوع الواحدة فلما قلنا: وهو أنّ التّطليقة لا يتناول أكثر من الواحدة، وإنّما يكون ثانياً؛ لأنّ العامل تخيير الزّوج والواقع بالتخيير يكون ثانياً؛ لأنّه تمليك النّفس منها والرّجعي لا يثبت ملك النّفس، ثم قال: وفي بعض النّسخ تقع واحدة رجعيّة والصّحيح ما ذكرنا نصّ عليه في الزيادات (٦).

فإن قلت: ما الفرق بين قوله: اخترت، وبين قوله: طلقت (٧)، [فإن قولها طلقت] نفسي يصلح جواباً لقوله: اختاري حتّى يقع به التّطليقة الواحدة الباينة، وقولها: اخترت لا يصلح جواباً لقوله: طلقي نفسك، بل يقع لغوًا حتّى لا يقع به شيء، هكذا ذكر في «المبسوط» (٨).

قلت: لأنّ لفظ الاختيار الأضعف من لفظ الطّلاق.

ألا ترى أنّ الزّوج يملك الإبقاء بلفظ الطّلاق دون لفظ الاختيار، فالأضعف لا يصلح جواباً للأقوى، والأقوى يصلح جواباً للأضعف، يوضحه أن قولها: طلقت نفسي لو كان قبل تخيير الزّوج [توقف على إجازة الزوج]، فإذا كان بعد تخيير الزّوج كان عاملاً، وقولها: اخترت نفسي قبل تخيير الزّوج يكون لغوًا لا يتوقّف على إجازة الزّوج، فكذلك بعد تفويض الزّوج بقوله: طلقي نفسك؛ لأنّ التّفويض غير التخيير كذا في «المبسوط» (٩).


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢١٦).
(٢) يُنْظَر: الجامع الكبير (١٨١).
(٣) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٢٠٥)، والبناية شرح الهداية (٥/ ٣٨٢)، والعناية شرح الهداية (٤/ ٨٦).
(٤) انظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٨٦)، والبناية شرح الهداية (٥/ ٣٨٢).
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٨٦)، والبناية شرح الهداية (٥/ ٣٨٢).
(٦) انظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٨٦)، والبناية شرح الهداية (٥/ ٣٨٢).
(٧) والفرق أن حالة التخيير تقتضي ألا يكون للزوج سبيل على المرأة إذا اختارت نفسها، وهذا لا يتحقق إلا بوقوع الطلاق الثلاث، وأما في حالة التمليك فقد ملكها ما يملكه، فإذا أوقعت طلقة واحدة أو اثنتين أو الثلاث، كانت عاملة بمقتضى اللفظ. انظر الشرح الصغير: (٢/ ٥٩٧)، والفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (٩/ ٦٩٤٥).
(٨) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢١٦).
(٩) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢١٦).