للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمّا المسألة الثانية فقد ذكر الإمام الاستروشني -رحمه الله- (١) فقال: ولو جعل أمرها بيدهاأو بيد أجنبي ثم أنّها ردت الأمر أورده الأجنبي لا يصح، وقد ذكر قبل هذا أنّه يريد بالردّ ووجه التّوفيق بينهما أنّ الأمر باليد؛ يريد بالردّ عند التفويض، أمّا بعد ذلك فلابدّ بالردّ قال نظير هذا مسألة ذكرها صاحب «المحيط» (٢) في أوّل إقرار فتاواه، وهي رجل أقر بشيء لرجل وصدقة المقرّ له، ثم ردّ إقراره لا يصحّ الرد، وحاصله أنّ الأمر باليد بمنزلة إبراء الدّين من حيث أنّ ثبوته للمرأة لا يتوقف على القبول على ما ذكرت من «الجامع الصّغير» (٣) لشمس الأئمة، ولكن يريد بالردّ عند ابتداء التّفويض كإبراء الدّين، فإنّه كذلك حيث يسقط الدّين من غير قبول المديون، ولكن يريد بالردّ لما فيه من معنى الإسقاط ومعنى التّمليك، أمّا الإسقاط فإن الدّين عبارة عن وصف شرعي في الذّمة يظهر أثره عند المطالبة، فبالإبراء أزال هذا الوصف فكان إسقاطاً كالإعتاق.

وأمّا التّمليك فلقوله تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ … تَعْلَمُونَ} (٤) سمى إبراء الدين التصدّق، والتصدّق عبارة عن التّمليك.

وأمّا المسألة الثّالثة: وهي أنّ الذي قاله يخرج الأمر من يدها في الطّلاق البائن هو فيما إذا كان الأمر باليد منجزًا خالياً عن الشرط، فإن قال لها: أمرك بيدك، والذي قاله لا يخرج الأمر من يدها في الطّلاق البائن فيما إذا كان الأمر باليد معلّقاً بالشّرط بأن قال: أكر ترابزنم (٥)، أو قال: واكراز تو غايب شوم (٦)، أو ما أشبه ذلك فأمرك بيدك، ثم أنّه خالعها أو طلّقها] طلاقا (٧) بائنًا لا يبطل الأمر حتّى لو تزوّجها ثم ضربها أو غاب عنها، يصير الأمر بيدها سواء تزوّجها في العدّة أو ما بعد ما انقضت العدّة، ولو طلقها ثلاثاً وتزوّجت بزوج آخر، ثم عادت إلى الأوّل، ثم ضربها لا يصير الأمر بيدها، وهي مسألة أن التنجيزبالثلاث يبطل التعليق عندنا، خلافاً لزفر -رحمه الله- كذا في الفصول في الفصل الحادي والعشرين.


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٣٤٦)
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٢٤١)
(٣) انظر الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٣/ ٤٠٢).
(٤) [البقرة: ٢٨٠].
(٥) كلمة فارسيه ومعناها: إذا ضربتك.
(٦) كلمة فارسيه ومعناها: إذا غبت عنك.
(٧) زيادة في (ب).