للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر في «الذّخيرة» (١): ثم الأمر باليد قد يكون مرسلاً، وقد يكون معلقاً، بالشّرط بأن قال: إذا قدم فلان فأمر امرأتي بيدها، أو قال: بيد فلان فإن كان مرسلاً فهو على وجهين: إن كان مطلقاً غير موقت فحكمه ما ذكرنا، أنّ المفوّض إليه إن كان يسمع فالأمر بيده ما دام في ذلك المجلس، وإن لم يسمع أو كان غائباً فإنّما يصير الأمر بيده إذا علم أو بلغه الخبر، فيكون الأمر في يده مادامفي مجلس العلم، والقبول في المجلس ليس بشرط ولكن إذا ردّ المفوّض إليه ذلك يريد برده، وهذا لما ذكرنا أنّ الأمر باليد يتضمّن معنى التّمليك ومعنى التّعليق والقبول في التّعليقات ليس بشرط، فاعتبرنا معنى التعليق فلم يشترط القبول من المفوّض إليه، واعتبرنا معنى التّمليك قلنا يريد بالردّ عملاً بالمعنيين بقدر الإمكان.

وأمّا إذا كان ههنا مؤقت بوقت بأن قال: أمر امرأتي بيد زيد اليوم فإن علم المفوّض إليه بالأمر مع بقاء شيء من الوقت فله الخيار في بقيّة الوقت، ولا يبطل بالقيام من المجلس، وإن مضى الوقت قبل علم المفوض إليه بذلك ينتهي الأمر؛ لأنّه خصّ التّفويض بزمان فلا يبقى بعد مضي ذلك الزّمان وأمّا إذا كان الأمر معلّقاً بالشّرط، فإنّما يصير الأمر في يد المفوّض إليه إذا جاء الشّرط.

وإذا جاء الشّرط فإن كان الأمر مطلقاً غير مؤقت بوقت صار الأمر في يده في مجلس علمه، والقبول في ذلك المجلس ليس بشرط لكن يريد بالردّ، وإن كان مؤقتاً فعلم المفوض إليه بالأمر، مع بقاء شيء من الوقت والأمر في يده ما دام ذلك الوقت باقياً، وإذا مضى الوقت قبل العلم ينتهي الأمر، كما إذا قال إذا قدم زيد وأمرك بيدك يومًا، ثمّ المرأة التي كان الأمر في يدها لو قالت: طلاق افكندم تطلق نوت الطّلاق أم، ولو قالت: أمرا فكندم تطلق إن نوت الطّلاق؛ لأنّ هذا اللّفظ في العرف معيّن لإيقاع الطّلاق.

قوله -رحمه الله-: (مَا لَمْ تَأْخُذْ فِي عَمَلٍ آخَرَ)، يراد به عمل يعرف أنّه قطع لما كان فيه، لا مطلق العمل، حتى لو لبست ثيابها من غير قيام أو أكلت أو شربت أو قرأت قليلا من القرآن أو ما أشبه ذلك، ما هو من عمل الفرقة كانت هي على خيارها، وهذا الذي ذكرته كما يكون في قوله: أمرك بيدك، كذلك يكون في قوله لامرأته، اختاري نفسك وفي قوله طلّقي نفسك.

وفي قوله: (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ) وفي قوله لأجنبي: أمر امرأتي بيدكأو قال له: طلقها إذا شئت أو إن شئت أو أمر امرأتي بيدك في أن يخلعها، وكذا في قوله: اعتق عبدي إذا شئت، بخلاف الوكيل بالبيع إذا قيل له: بعه إن شئت، حيث لا يقتصر على المجلس؛ لأنّ البيع لا يحتمل التّعليق فلم يتقيّد بالمجلس.


(١) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٢٤٠).