للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم يحتاج ههنا إلى معرفة الإيلاء لغة وشريعة وسببه وشرطه وركنه وحكمه، أمّا اللغة فإنّ الآلية الحلف، يقال: آلى يولي إيلاءً، مثل أعطى يعطي إعطاءً والجمع الآيا مثل عطية وعطايا ومن قول القائل (١):

قَلِيلُ الْأَلَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ … وَإِنْ بَدَرَتْ مِنْهُ الْأَلِيَّةُ بَرَّتْ (٢)

يمدح بهذا، ويقول فإنّه قليل الحلف، وإن حلف بطريق الندرة بأن وقعت يمينه على سرعة من غير قصد حفظ يمينه، فقوله: برّت كان أصله برّ في يمينه، أي: صدق فحذف المضاف مع حرف الجرّ، ثم انقلب الضّمير المجرور مرفوعًا، كما في قوله تعالى: {وَالَّذِي خَبُثَ لَا … يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} (٣) لما عرف في الكشّاف (٤).

وأمّا تفسيره شرعًا فهو عبارة عن منع النّفس عن قربان المنكوحة أربعة أشهر فصاعدًا منعًا مؤكدًا باليمين، ولذلك قالوا: المولي من لا يخلو عن أحد المكروهين، إمّا وقوع الطّلاق وإمّا وجوب الكفارة (٥).

وأمّا سببه فما هو السّبب في الطّلاق الرّجعي؟ لما أن الإبانة فيه مؤقتة إلى وقت وههنا أيضاً موقتة إلى وقت (٦)، وقد ذكرنا هناك أن السّبب الدّاعي إليه قيام المشاجرة، وعدم الموافقة، لكن على وجه الانتظار طلباً لما هو الموعود في كتاب الله الجبار في قوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (٧).

فمنهم من يختار الطّلاق الرجعي، لما أنّ التّدارك هناك غير مستعقب مكروهًا، بخلاف الإيلاء.

ومنهم من يختار الإيلاء لما أنّ التدارك هنا غير متضمّن نقصان عدد الطّلاق، بخلاف الطّلاق الرجعي.

وأمّا شرطه فكون من يمنع عنه القربان باليمين منكوحة، هذا في حقّ المحل فهو] وأما في حق المولي فهو (٨) من كان أهلاً للطّلاق عند أبي حنيفة -رحمه الله-، ومن كان أهلاً لوجوب الكفارة عندهما.


(١) انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: ٦١).
(٢) وهذه الأبيات منسوبة لكثير عزة. ينظر: المجموع اللفيف (ص: ٢١٢).
(٣) [الأعراف: ٥٨].
(٤) الكشاف عن حقائق التنزيل، للإمام العلامة أبي القاسم، جار الله محمود بن عمر الزمخشري. ينظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٤٧٥).
(٥) المطلع على ألفاظ المقنع (ص: ٤١٦)، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ٢٦١).
(٦) العناية شرح الهداية (٤/ ١٨٨).
(٧) [الطلاق: ١].
(٨) زياده في (ت).