للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن قال: الظهار مع الطّلاق يثبت بقوله: أنت عليّ حرام، قلنا: اللفظ الواحد لا يحتمل معنيين مختلفين كذا في «المبسوط» (١).

وذكر في «الفوائد الظهيرية» جواب أبي يوسف عن هذا فقال جاز أن يصح ظهارًا المبانة على قوله، وكان هذا رواية منه على صحة ظهار المبانة، ولأن هذا الكلام صريح في الظهار، ولهذا لو لم يكن له نية يكون ظهاراً، فلا يصدق في إبطال حكم الظهار، ويصدق في إرادة الطّلاق لاعترافه به أنّه صريح في الظهار، فلا يحتمل غيره؛ لأنّ معنى قوله: أنت عليّ كظهر أميّ، فيكون الحرام تفسيراً للظهار، والشيء لا يتغيّر تفسيره كذا في «مبسوط فخر الإسلام» ولا يكون الظهار إلا من الزوجة حتى لو ظاهر من أمته لم يكن مظاهراً (٢).

فإن قلت: الأمة محل للظهار بقاء فيجب أن يكون ابتداء كما لو ظاهر من امرأته وهي أمة.

ثم اشتراها يبقى حكم الظهار وهي أمة.

قلت: كم من شيء ثبت بقاء ولا يثبت ابتداء، كبقاء النكاح في المعتدّة وإن لم يثبت ابتداء.

ثم إنما تثبت حرمة الظهار في الأمة بقاء؛ لأن حرمة الظهار تثبت حين كانت محلاً لها، فيبقى إلى أن يوجد الكفارة فهي بمنزلة الحرمة الثانية بالطّلاق.

ولو طلّقها ثنتين لم تحل به بسبب بعد ذلك ما لم يتزوّج بزوج آخر، فكذلك إذا ثبتت الحرمة بالظهار؛ إذ هذه حرمة مع بقاء الملك، فكانت كالحرمة بسبب الحيض والحائض لا تحلّ له بملك اليمين كما لا تحلّ له بملك النكاح، وكذا إذا أعتقها ثم تزوّجها، ولأن الحلّ في الأمة تابع، والتابع في حكم العدم فلم، يكن هو في التشبيه كاذباً، فلم يوجد ركن الظهار، فلا يكون مظاهراً لعدم ركنه، وإنّما قلنا: أنّ الحلّ فيها تابع بدليل أنّه لو اشترى أمّة فوجدها محرمة عليه برضاع أو صهرية لا يثبت للمشتري ولاية الرد بسبب الحرمة، كذا في «الفوائد الظهيرية» (٣)؛ لأنّه صادق في التشبيه وقت التصرف؛ لأنّها محرمة قبل إجازتها فلم يوجد ركن الظهار، وهو تشبيه المحلّلة بالمحرمة والظهار ليس بحق هذا جواب سؤال مقدر بأن يقال: أنّ الظهار مبني على الملك، والملك موقوف فينبغي أن يكون الظهار موقوفاً.

قلنا: أن الظهار ليس من حقوق النكاح؛ لأنّ النكاح أمر مشروع، والظهار منكر من القول وزور والمحظور لا يتوقف بتوقف المشروع.

وأمّا إعتاق المشتري من الغاصب فإنّه يتوقف إلى إجازة المالك فإن إجازته بعد.


(١) ينظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢٣٠).
(٢) ينظر: المرجع السابق.
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢٣١)، العناية شرح الهداية (٤/ ٢٥٠).