للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أمّا السّبب فإنّ الظهار منكر من القول وزور، وسبب حرمة الإيلاء اليمين واليمين مباح، وأمّا الحكم فهو الوجه الثاني، فإن كفارة الظهار أغلظ وهو إطعام ستين مسكينًا، وكفارة الإيلاء إطعام عشرة مساكين، والثالث وهو أن الحرمة بالإيلاء تثبت في الحال، وأمّا حرمة الظهار فيثبت في الحال، والرابع هو أن دفع الحرمة الثابتة بالإيلاء ممكن بالوطء، [والوطء] (١) هو المقصود وفي الظهار لا يحلّ وطؤها ما لم يكفّر، والخامس هو أنّه إذا ظاهر امرأته ثم طلّقها ثلاثاً ثم تزوّجها بزوج آخر ثم عادت إلى الأوّل تعود بالظهار حتى لا يحلّ وطؤها ما لم يكفر، أما في الإيلاء إذا طلّقها ثلاثاً والمسألة بحالها لا يعود الإيلاء في حق الطلاق، والسّادس [وهو] (٢) أنّ المظاهر إذا امتنع عن التكفير يجبره القاضي على التكفير بالحبس والضرب، ولا كذلك الإيلاء وعلى ما ذكرنا، فعلم بهذه الوجوه أنّ الإيلاء أخف، فثبت هو في حقه عند انعدام تعيين إحدى الحرمتين، ولكن ذكر الإمام قاضي خان في «الجامع الصّغير» وقال: وإن نوى به التحريم ذكر في بعض النسخ أنّه إيلاء عند أبي حنيفة -رحمه الله- وأبي يوسف، والأصحّ أنّه ظهار عند الكلّ؛ لأن التحريم المؤكد بالتشبه ظهار، وكذلك ذكر الإمام التمرتاشي أنّه ظهار من غير ذكر خلاف أحدٍ (٣).

لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ، أي لا غير وهي الطلاق والظهار لتصريحه بالحرمة بخلاف المسألة الأولى فإنّها كانت تحتمل البر والكرامة والوجهان بيناهما وهو قوله لِيَكُونَ الثَّابِتُ أَدْنَى الْحُرْمَتَيْنِ.

وقوله: لِأَنَّ كَافَ التَّشْبِيهِ تَخْتَصُّ بِهِ، ونوى طلاقاً أو إيلاءً أو لم يكن له نية كان ظهاراً، كذا في «المبسوط» (٤) غير أن عند محمد إذا نوى الطّلاق لا يكون ظهاراً بل يكون طلاقاً.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ -رحمه الله- يَكُونَانِ جَمِيعًا (٥)، أي يقع الطلاق بنيته ويكون مظاهراً بالتصريح بالظهار، ولا يصدّق في القضاء في صرف الكلام عن ظهاره؛ بمنزلة قوله: زينب طالق وله امرأة معروفة بهذا الاسم، فقال: لي امرأة أخرى وإياها عنيت يقع الطلاق على تلك بنيته، وعلى هذا المعروفة بالظاهر، ولكن هذا ضعيف، فإنّ الطلاق إن وقع بقوله: أنت عليّ حرام، كان متكلمًا بلفظ الظهار، بعدما بانت والظهار بعد البينونة لا يصحّ.


(١) سقطت من (ب).
(٢) سقطت من (ب).
(٣) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٥).
(٤) المبسوط للسرخسي (٦/ ٢٢٧).
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢٢٩).