للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخلاف الملك فإنّه حق العبد.

وكذلك في التدبير موجب العتق بعد الموت، أمّا في المكاتب الرق كامل ولهذا يرد عند العجز إلى الرق، فلو كان الرق ناقصاً لما صحّ الردّ إلى الرق عند العجز.

فَأَشْبَهَ الْمُدَبَّرَ، أي على مذهبكم، فإنّ عند الشافعي بيع المدبّر وإعتاقه جائز (١)، فكان هذا منه استدلالاً بمذهبنا احتجاجاً علينا لا أن يكون هذا مذهبه كذا نقل عن مولانا حميد الدين -رحمه الله-.

وَلَنَا أَنَّ الرِّقَّ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وهو قوله، وَلِهَذَا تَقْبَلُ الْكِتَابَةُ الِانْفِسَاخَ وَلِقَوْلِهِ -عليه السلام- «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» (٢) ولا يتمكن النقصان في رقّه ولا يصير العتق مستحقاً له بسبب الكتابة؛ [لأنّ حكم العتق في الكتابة] (٣) متعلّق بشرط الأداء، ولو علّق عتقه بشرط آخر لم يثبت به الاستحقاق، فكذلك بهذا الشرط بل أولى؛ لأنّ التعليق بسائر الشروط يمنع الفسخ وبهذا الشرط لا يمنع.

ولو تمكّن نقصان في رقّه لما تصوّر فسخه وإعادته إلى الحالة الأولى؛ لأنّ نقصان الرق ثبوت الحرية من وجه، وكما أنّ ثبوت الحرية من كلّ وجه لا يحتمل الفسخ، فكذلك ثبوتها من وجه، ولأنّ الثابت بالكتابة انفكاك الحجر (٤) عنه في حق المكاتب، وذلك لا يمكّن نقصاناً في رقّه كالإذن في التجارة إلا أنّ ذاك فكّ الحجر بغير عوض، فلا يكون لازمًا في حق المولى، وهذا فك بعوض فيكون لازمًا، ولكن مع هذا المنافع والمكاسب غير الرقية والتصرّف فيها لازمًا كان أو غير لازم لا يتمكن النقصان في الرق والملك كالإعارة (٥) مع الإجارة وبسبب اللزوم يمتنع على المولى التصرف فيه، ويلزمه ضمان العُقر (٦) والأرش (٧)؛ لأنّ ذلك في حكم المكاسب والمنافع والمكاسب صارت مستحقة له، ولكن بهذا الاستحقاق لا يصير الرقية في حكم المستهلكة وإذا ثبت أنّ العتق لم يصير مستحقاً بهذا السّبب ظهر أنّ إعتاق المولى إيّاه يكون تحريراً مبتدأ من كلّ وجه.


(١) ينظر: الأم للشافعي (٨/ ١٩).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب العتق، باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت، (٣٩٢)، والبيهقي في السنن الكبرى، باب المكاتب ما بقي عليه درهم (٢١٦٣٨)، وأخرجه مالك في الموطأ، كتاب المكاتب، باب القضاء في المكاتب، (١)، وعبدالرزاق في مصنفه، باب عجز المكاتب وغير ذلك (١٥٧١٧)، وابن أبي شيبة في مصنفه، باب في المكاتب عبد ما بقي عليه شيء (٣٠٥٦٤).
(٣) سقطت من (ب).
(٤) الْحجر فِي الشَّرْع الْمَنْع من التَّصَرُّف لصِغَر أَو سفه أَو جُنُون. ينظر: (المعجم الوسيط ١/ ١٥٧).
(٥) الإعارة: تمليك المنافع بغير بعوضٍ. ينظر: (التعريفات للجرجاني ص: ١٠).
(٦) العُقر: مقدار أجرة الوطء، لو كان الزنا حلالًا، وقيل: مهر مثلها. ينظر: (التعريفات للجرجاني ص: ١٥٣)
(٧) الأرش: هو اسمٌ للمال الواجب على ما دون النفس. ينظر: (التعريفات للجرجاني ص: ١٧)